الخلف مستعرضا المشهد الجديد : اقبال على الاستثمار الزراعي بعد الحصار
حوار – محمد حمدان
تصوير- أسامة الروسان
كشف ناصر أحمد الخلف المدير التنفيدي ومالك مزرعة "أجريكو" عن تزايد الاقبال على الاستثمار الزراعي بدولة قطر بعد الحصار، مشيراً إلى أن حجم الانتاج من قبل المزارع القطرية كان يغطي نحو 10% من الاستهلاك المحلي اليومي قبل الحصار غير أن معدلات التغطية قفزت إلى أكثر من 30% في أعقاب الحصار المفروض على البلاد منذ الخامس من يونيو 2017 وذلك نتيجة دعم خطط الاكتفاء الذاتي والاستقلالية الاقتصادية وتزايد جاذبية الاستثمار الزراعي حيث انتقلت حزمة من المستثمرين من الاستثمار العقاري إلى الزراعي نتيجة الاقبال على المنتجات الوطنية وتوجه الدولة نحو الاكتفاء الذاتي ليقفز حجم الإنتاج بصورة قياسية في أعقاب الحصار.
وأوضح الخلف في حواره مع "أملاك" أن حجم إنتاج المزارع القطرية في السوق المحلي يقدر بنحو 40 ألف طن سنوياً من جميع أنواع الخضراوات، متوقعاً تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضراوات في غضون 5 سنوات وفي المقابل قدر الخلف حجم الاستهلاك في السوق المحلي بنحو 1000 طن يومياً، منها نحو 600 طن من الخضار و400 طن من الفواكه تصل إلى السوق المركزي يومياً.
جاذبية استثمارية
وأشار الخلف إلى أنه في السابق كان عدد المزارعين قليل ومحدود، فيما يشهد السوق المحلي حالياً دخولا متزايدا للمستثمرين للقطاع الزراعي نتيجة ارتفاع شهية الاستثمار العقاري فيما يبلغ عدد المزارع المحلية أكثر من 600 مزرعة في دولة قطر منها حوالي 400 مزرعة تنتج منتجا مميزا لعدد يفوق 200 صنف من الخضراوات والفواكه وغيرها من المنتجات الغذائية.
وأكد الخلف أن القطاع المصرفي يرحب بتقديم تسهيلات تمويلية للقطاع الزراعي حيث يقدم بنك قطر للتنمية خطوط ائتمانية وتسهيلات تمويلية للمزارعين ، بينما تقدم بقية البنوك التمويل بنفس طريقة التمويل الصناعي والتي بدورها تختلف عن التمويل الزراعي، من حيث أن الزراعة لها تشريعات وقوانين متخصصة تدعمها في كل انحاء العالم تختلف عن بقية القطاعات الاقتصادية، مشيراً إلى أهمية اقرار مزيد من التشريعات والاجراءات المحفزة للقطاع الزراعي لمواصلة مسيرة النمو.
المنتجات الوطنية
واشاد الخلف بقانون دعم تنافسية المنتجات الوطنية ومكافحة الممارسات الضارة بها في التجارة الدولية، مشيراً إلى أن القانون يأتي في سياق المبادرات المتنوعة التي أطلقتها الدولة لدعم المنتجات الوطنية في أعقاب الحصار المفروض على دولة قطر، علاوة على بقية القوانين التي أصدرها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وهي تشجع المزارعين على التوسع وزيادة وتيرة الانتاج.
وثمن الخلف مبادرة شركة "حصاد" الرائدة في الاستثمار في القطاع الغذائي، بتأسيس شركة محلية للتسويق والخدمات الزراعية، مشيراً إلى ان وجود شركة تسويق متخصصة للمنتجات الزراعية يعتبر عاملا مشجعا ومهما للمزارعين، لجهة ان المشكلة التى تواجه معظم المزارعين تتمثل في عقبة تسويق المنتجات الزراعية إضافة الى معوقات تتمثل في أماكن التخزين وعدم وجود سيارات مبردة لحفظ المنتجات ومن ثم توريدها إلى السوق والمحال التجارية والمجمعات الاستهلاكية، متوقعاً ان توفر هذه الشركة التسويقية المتخصصة آليات تخزين وتساعد المزارعين في عملية التسويق، لتقوم بأخذ الانتاج المحلي وتعبئته وفرزه وتوزيعه، لتترك المزارع ليقوم بالزراعة فقط، منوهاً إلى أهمية تخصص كل مزرعة في انتاج نوع معين من الخضار لتقليل التكاليف وزيادة الجودة والتنافسية.
وشدد على أن العائد على الاستثمار الزراعي يقدر بنسبة تتأرجح بين 8% و10% سنويا، مؤكداً أن المنتجات الوطنية تتميز بالجودة العالية وقادرة على منافسة المنتجات المستوردة من حيث الجودة وعضوية مكوناتها الطبيعية.
بيوت محمية
ونوه إلى ان مزرعة أجريكو نجحت في ابتكار وتصنيع بيوت محمية تلائم المناخ القطري وحققت نقلة نوعية للزراعة في قطر عبر استخدام أنظمة عالية الجودة في المنتجات الزراعية وزراعة مختلف الخضراوات وتوزيعها على المحال والمجمعات التجارية.
وأكد أن مزرعة "أجريكو" تبلغ مساحة بيوتها المحمية 240 ألف متر مربع وتنتج 6 أنواع من الخضراوات تشكل نحو 95% من إنتاجها وتشمل الطماطم وتحتوي على 14 نوعا، والخيار والذي يشتمل على ثلاثة أنواع، إضافة إلى الكوسا بعدد 4 أنواع، والباذنجان والفلفل بأنواعة المختلفة، علاوة على الفطر الذى يشكل ثلث إنتاج المزرعة، مشيراً إلى أن المزرعة تنتج أكثر من 7 أطنان من الخضراوات يومياً وتعتمد حالياً على التمويل الذاتي في كافة مراحل الانتاج، كما تخطط لبدء إنتاج الأسماك خلال العام الجاري، إضافة إلى انها توسعت في مجال إنتاج الفطر حيث تحتوي المحمية الخاصة بزراعة الفطر على عدد من الغرف بإشراف فريق متخصص يعمل بشكل متواصل لتلبية حاجة السوق المحلية.
واشار إلى أن مزرعة "أجريكو" أطلقت في نهاية العام الماضي، مركز البحوث والتجارب للزراعة المائية وهو مشروع مشترك بين شركات "أجريكو" و"قافكو" و"يارا إنترناشيونال" وهي شركة نرويجية، ويهدف المركز إلى تقديم دراسات وتجارب وإعداد مزارعين يتميزون بالكفاءة والقدرة على مضاعفة الانتاج، بغرض رفع وتيرة الانتاج الزراعي في المزارع القطرية في الوقت الذي تخطط فيه مزرعة "أجريكو" للتوسع في السوق المحلي
واشار إلى أن مرزعة "أجريكو" تعتبر أكبر مزرعة مائية في قطر بمساحة 240 ألف متر، ويعود تأسيسها إلى دراسة جدوى في العام 2009، بينما تم تدشين المشروع فعلياً في العام 2011، مشيراً إلى أن دوافع تحقيق الأمن الغذائي كانت هى العامل الرئيسي لإنشاء المزرعة، حيث قامت الدراسة بالتركيز على عاملين الاول: انتاج الخضراوات الطازجة محلياً وإمكانية إنتاج ما يغطي السوق المحلية بشكل كبير، بينما العامل الثاني يتعلق باستيراد وتخزين وتصنيع المواد الغذائية التى لا يمكن إنتاجها في قطر كالارز والقمح وفول الصويا وغيرها.
دراسات وتجارب
وأضاف "لذلك ركزنا على إنتاج الخضروات رغم أن إنتاجه يواجه تحديا كبيرا فهو يحتاج لبيئة ملائمة ودرجة حرارة مناسبة وتربة ومواد أولية واسمدة ومبيدات"، مشيراً إلى قيامهم بالعديد من الدراسات والتجارب بغرض معرفة البيئة المناسبة للإنتاج في دولة قطر، وفي سبيل ذلك تم القيام بحزمة من الزيارات إلى العديد من الدول في أوروبا واميركا وبعض الدول الآسيوية والعربية والخليجية والافريقية، بهدف الحصول على نظام يلائم بيئة دولة قطر، الا ان عدم وجود نظام يلائم مناخ الزراعة في دولة قطر دفعهم لإنشاء مصنع لتصنيع البيوت المحمية الملائمة لمناخ دولة قطر.
وأوضح أن نظام انتاج النبات في قطر يحتاج إلى درجة حرارة تتراوح بين 15 إلى 25 درجة مئوية وفي نفس الوقت درجة رطوبة لا تقل عن 40% ولا تزيد عن 70% وهذه العوامل تحتاج لأنظمة زراعية توفر المناخ الملائم، أما مشكلة التربة فتم حلها عن طريق الزراعة المائية "الهيدروبونيك" وهي عبارة عن زراعة مائية أو تربة بديلة تتكون من آلياف جوز الهند تقلل نسبة استهلاك المياه بواقع 80% قياساً على التربة العادية، اما درجة الحرارة والرطوبة واشعة الشمس فيتم التحكم بها وتم تطوير هذه الانظمة وتطبيقها في سنة 2015.
وتابع قائلاً: "عند بحثنا عن البيوت المحمية الملائمة لمناخنا لم نجد أيا من البيوت المحمية في العالم مناسبة لمناخنا، فجميع البيوت مصنوعة لمناخ أوروبي وآسيوي وليس لمناخ حار، فمنطقتنا متميزة ومختلفة حتى عن مناخ بعض الدول المجاورة ، فصيفنا طويل يبدأ في ابريل وينتهي في أكتوبر، كما أن الصيف نفسة جزء حار جاف وآخر حار رطب، فالمزيج بين الحرارة والرطوبة له تأثيره على الزراعة، ولذلك تزايدت الحاجة لنظام يقلل درجة الحرارة والرطوبة ويضبط أشعة الشمس.
نجاح التجربة
ولفت إلى انه وفي عام 2011 تم استيراد "بيت محمي" على مساحة 20 ألف متر وتم التركيب عبر إضافة مزيد من أنظمة التبريد ولكن رغم الجهود المبذولة فشلت التجربة وكانت في مايو 2012، مشيراً إلى أنه لم يكتف بتلك التجربة بل مضى للقيام بتجرية ثانية حيث تم استيراد بيت آخر بسعة 23 ألف متر في العام 2013 وايضاً فشلت هذه التجربة.
ونوه إلى القيام بتجربة ثالثة عبر استيراد بيت محمي بمساحة 40 ألف متر بعد القيام بتعديلات جذرية وتمت إضافة مواد خاصة له من الحديد وغيرها من أنظمة التبريد المختلفة واخرى للتظليل وقد تكللت هذه التجربة بالنجاح بنسبة 85% وكان ذلك في صيف 2014.. وبناءً على التجارب تم تأسيس مصنع داخل المزرعة لانتاج البيوت المحمية الملائمة لمناخ دولة قطر وذلك عبر تغيير كامل للأنظمة وادخال تعديلات جديدة وقد نجحت التجربة في ابتكار نوع جديد من البيوت المحمية ملائمة لمناخ دولة قطر وتم أخذ براءة اختراع باسم المزرعة "أجريكو" وقد تم فيما بعد إعادة إنتاج جميع البيوت المحمية والإنتاج مستمر ولم يتوقف منذ 2015.
وكشف عن توسع مزرعة "أجريكو" في عام 2016 عبر افتتاح بيوت محمية جديدة داخل المزرعة ومن ثم زيادة الانتاج والاتجاه للتصدير وقد كان أول تصدير في مارس 2016 إلى الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، كما أنه بعد الحصار حدث توسع مهم في المنتج الوطني وحالياً يجري تصدير المنتجات إلى دولة الكويت عبر البحر والجو.
ولفت إلى تزايد الطلب على البيوت المحمية منذ العام 2015 و2016 و2017 وظل زخم الطلب قوى بشكل مستمر حتى الآن ، كما ان هناك أكثر من 120 ألف متر من البيوت المحمية تعمل بأنظمة مختلفة لمزارع مختلفة داخل دولة قطر.