قطر تهزم دول الحصار بمرونة التجارة
حلت قطر في المرتبة الأولى عربيا والـ26 عالميا في مؤشر المرونة العالمي للتجارة والاستثمار للعام 2019 الصادر عن شركة (إف إم جلوبال) للتأمين والحماية من المخاطر التي تتخذ من مدينة رود ايلاند الأمريكية مقراً لها ويضم المؤشر 130 دولة وتقدمت قطر على 104 دولة حول العالم كما أظهر المؤشر تفوقها على دول الحصار بفارق كبير حيث جاءت السعودية في المرتبة 55 عالميا والامارات في المرتبة 33عالميا و البحرين في المرتبة الـ 53عالميا بينما ضمت قائمة العشرة الكبار على التوالي كلا من : النرويج والدانمارك وسويسرا وألمانيا وفنلندا والسويد ولوكسمبورغ والنمسا ووسط الولايات المتحدة وبريطانيا.
ويقوم المؤشر بتصنيف الدول وفقا لقدرة اقتصاداتها على مواجهة المتغيرات الطارئة وتجاوزها سواء المتعلقة بالاضطرابات الجيوسياسية أو الأزمات والمتغيرات المحتملة بالاقتصاد العالمي وبالتالي فإن تفوق قطر بالمؤشر يعني أنها الأجدر عربيا باستقطاب الاستثمارات الأجنبية من حيث مرونة اقتصادها من جهة وقدرتها على استيعاب أيه صدمات محتملة كما يؤشر في الوقت نفسه إلى المرونة الكبيرة التي أظهرتها قطر في مواجهة الحصار المفروض على الدولة منذ الخامس من يونيو 2017 حيث واجهت قطر الحصار عبر تطوير تشريعاتها وتعزيز بيئة الأعمال وتطوير مناخ الاستثمار فيما تتعاون وزارة التجارة والصناعة مع البنك الدولي لإعداد خطة لتحسين مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال التي سوف تنعكس على تحسين ترتيب الدولة في التقارير الدولية المتعلقة ببيئة الأعمال، وتنمية قطاع الأعمال وجذب مزيد من الاستثمارات الداخلية والخارجية، والإسراع بمعدلات نمو الاقتصاد الوطني تحقيقاً لرؤية قطر الوطنية 2030.
وقد أدخلت الدولة تعديلات على قانون المناطق الحرة، بموجب مرسوم القانون رقم (21) لسنة 2017 الذي قضى بتعديل بعض أحكام القانون رقم (34) لسنة 2005 بشأن المناطق الحرة الاستثمارية، وقد تضمنت التعديلات الجديدة عدم وجود قيود على جنسية رأس المال وحرية اختيار الشكل القانوني للمشروع، وكذلك حرية تحديد أسعار المنتجات ونسبة الأرباح، بالإضافة إلى إعفاء الأصول الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج والصادرات والواردات من الضرائب وغيرها من الرسوم، كما تمنح المشروعات القائمة بالمناطق الحرة العديد من الضمانات من أبرزها عدم تقييد ملكيتها، ومنح حوافز ومزايا خاصة للمشروعات التي تعمل على زيادة نسبة المكون المحلي في منتجاتها والمشروعات التي تستثمر في مجالات الخدمات ال لوجيستية أو الاتصالات.
وكذلك اقرت الدولة قانون تنظيم الاستثمار الأجنبي، وهو قانون جديد يتيح للمستثمر الأجنبي العمل بنسبة 100 % في غالبية قطاعات الاقتصاد بعدما كانت هذه النسبة لا تزيد على 49 %، بهدف استقطاب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، مما يساعد على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية ويدفع بعجلة التنمية الاقتصادية للبلاد، كما يسهم القانون في رفع مؤشر الثقة والأمان الاستثماري في الدولة، والارتكاز على قوة الإنفاق الحكومي في توطين الاستثمارات الأجنبية، وزيادة العوائد الضريبة، إلى جانب حماية المستثمر الأجنبي والمحلي من مخاطر الاتفاقيات الجانبية، وكذلك الحد من عمليات التستر التجاري، ورفع مستوى قطر في المؤشرات الاقتصادية العالمية كمؤشر سهولة الأعمال.
وقامت قطر أيضا بإعفاء مواطني 88 دولة من تأشيرات الدخول وهو ما أفضى لزيادة التدفقات السياحية الواردة إلى قطر فضلاً عن التسهيلات الأخرى المتمثلة في منح تأشيرات الترانزيت المجانية لمدة 96 ساعة لجميع الجنسيات، وطلب وإصدار تأشيرات إلكترونية لجميع الجنسيات، وإعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول إلى قطر. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما امتد ليشمل توجه قطاع كبير من الشركات المدرجة لرفع سقف ملكية الأجانب إلى 49 %، بدلا من 25%، كما يتوقع سريان قانون تنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها قريبا .
ويتم تصنيف الدول في مؤشر المرونة العالمي من خلال مقوماتها ومدى تأثر سلسلة التوريد فيها مع المستجدات غير المتوقعة التي تؤثر سلبا في أنشطة الأعمال. ويستند التصنيف إلى 3 محاور رئيسية وهي : المحور الاقتصادي، الذي يقيس متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي، والاستقرار السياسي الذي يعكس استقرار الحكومات ، وكذلك الى مدى عرضتها للتقلبات المرتبطة بالنفط وإمداداته (نقص أو انقطاع الإمدادات، وارتفاع الأسعار) معبرا عنه بالاستهلاك النفطي منسوبا الى الناتج المحلي وايضا يرصد المؤشر نوعية المخاطر التي تكتنف الدول مُقاسة بمدى عرضتها للمخاطر الطبيعية وقدرتها على إدارة هذا النوع من المخاطر بكفاءة، هذا بالإضافة الى قدرتها في التعامل مع المخاطر المرتبطة بالحرائق. أما المحور الثالث فيتعلق بالعوامل التي تؤثر بشكل مباشر بسلسلة التوريد الوطنية والمتمثلة بمستوى البنى التحتية وجودة الموردين المحليين.
وبحسب مؤشر المرونة العالمي للتجارة والاستثمار للعام 2019 فإن حوكمة الشركات باتت محركا جديدا ومعيارا من معايير التقييم التي تمت اضافتها إلى المؤشر في تصنيف العام 2019 حيث ترى شركة (إف إم جلوبال) للتأمين والحماية من المخاطر أن حوكمة الشركات تستهدف بشكل أفضل البيئة التمكينية لمرونة الأعمال لأنها تركز على إطار فعال لممارسات الأعمال المحلية.
ويمثل المؤشر معيارا كبيرا للمستثمرين الراغبين في الاستثمار بالدول ذات معدلات المخاطر المتدنية خصوصا أن المؤشر يستند إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي الصادرة عن صندوق النقد الدولي وبيانات النفط من مصدرها في إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أما البيانات عن المخاطر السياسية فتأتي من «مؤشرات الحوكمة العالمية» للبنك الدولي فيتم رصدها من خلال 31 مصدراً من مصادر البيانات الحالية فيما يتم رصد بيانات البنية التحتية وحوكمة الشركات، من خلال مؤشرات تقرير التنافسية الدولية الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي بناءً على مسحه السنوي لآلاف من المديرين التنفيذيين. بينما يتم الحصول على البيانات الخاصة بمرونة سلاسل التوريد من البنك الدولي، وعلى وجه التحديد من مؤشر الأداء اللوجستي والذي كشف عن احتلال قطر المرتبة الـ30 عالميا متفوقة على 137 دولة حول العالم حيث تقدمت قطر على دول متقدمة من ضمنها: اليونان والمجر والهند وقبرص واندونيسيا وتركيا وكرواتيا والبرازيل والمكسيك وماليزيا.
وبحسب مؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي فإن دولة قطر حلت ضمن قائمة الـ30 الكبار عالميا بالأداء اللوجستي لتشغل المرتبة الـ 27 عالميا في مؤشر جودة البنية التحتية الفرعي الواقع تحت مظلة مؤشر الأداء اللوجستي وجاءت ايضا بالمرتبة التاسعة عالميا في مؤشر الشحن الدولي وهو ما يعكس نمو عمليات الشحن الجوي في البلاد رغم الحصار والذي واجهته قطر عبر زيادة عمليات الشحن الدولي من خلال ميناء حمد الذي يستحوذ حالياً على 27 % من التجارة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط ويستهدف الاستحواذ على نحو 35 % من التجارة الإقليمية مع اكتمال جميع مراحله مما يجعله احد المسيطرين على التجارة في منطقة الشرق الأوسط.
ويستند مؤشر الأداء اللوجستي العالمي الذي يضم 167 دولة حول العالم إلى مسوحات على نطاق العالم لكل من وكالات الشحن العالمية، وشركات النقل السريع ويتألف مؤشر الأداء اللوجستي من كل من المقاييس النوعية، والمقاييس الكمّية ويساعد على إنشاء ملفات بيانات عن الملاءمة اللوجستية في هذه البلدان. كما يعمل المؤشر اللوجستي على قياس الأداء على طول سلسلة الإمداد اللوجستي داخل بلدان العالم وفقا لمؤشرات رصد لكل من أنشطة: الجمارك، البنية الأساسية، الشحن الدولي، والجودة اللوجستية والكفاءة، والمتابعة والاقتفاء، والتوقيت. وقد ضمت قائمة العشرة الكبار عالميا في المؤشر ذاته كلاً من: المانيا وهولندا والسويد وبلجيكا وسنغافورة وبريطانيا واليابان والنمسا وهونغ كونغ والولايات المتحدة الأميركية على التـوالـى.