قطر.. مركز مالي
رئيس التحرير
عبد الرحمن بن ماجد القحطاني
تشهد قطر حاليا حزمة من المبادرات المستمرة لتطوير بيئة الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار عبر تبسيط الإجراءات وتسهيل مستوى ممارسة أنشطة الأعمال وقد توسعت هذه المبادرات بوتيرة متسارعة في أعقاب الحصار المفروض على دولة قطر منذ الخامس من يونيو 2017 لتشمل حزمة المبادرات إعفاء مواطني 88 دولة من تأشيرة دخول البلاد الأمر الذي ساهم في زيادة وتيرة التدفقات السياحية الواردة خصوصا في ظل تعزيز «سياحة الترانزيت» عبر تأشيرة مجانية تسمح للمسافرين على متن الخطوط الجوية القطرية بالدخول إلى قطر، لمدة تصل إلى 96 ساعة وقد ساهم هذا القرار في تصدر دولة قطر قائمة أكثر الوجهات السياحية انفتاحاً في منطقة الشرق الأوسط والثامنة على مستوى العالم في ما يتعلق بتسهيل منح التأشيرات وذلك بحسب أحدث مؤشرات منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، والخاصة بمدى انفتاح الدول على الزوار.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وانما امتد ليشمل إقرار حزمة من القوانين أبرزها قانون تنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي وهو القانون الذي يسمح باستقطاب وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية بنسبة 100 بالمائة في القطاعات الاقتصادية كما أجاز القانون للمستثمر غير القطري تملك نسبة لا تزيد على 49 بالمائة من رأس مال الشركات المساهمة المدرجة في البورصة بشرط موافقة وزارة التجارة والصناعة على النسبة المقترحة، ويجوز له كذلك تملك نسبة تزيد على ذلك بموافقة مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير التجارة.
وشملت أيضا مبادرات تطوير بيئة الأعمال القانون رقم (21) لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (34) لسنة 2005 بشأن المناطق الحرة الاستثمارية وقد تضمن التعديل عدم وجود قيود على جنسية رأس المال وحرية اختيار الشكل القانوني للمشروع، وكذلك حرية تحديد أسعار المنتجات ونسبة الأرباح، بالإضافة إلى إعفاء الأصول الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج والصادرات والواردات من الضرائب وغيرها من الرسوم.
وفضلا عن ذلك تشير التقديرات إلى أن قانون تنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها والذي تم إقراره مؤخرا ومن المتوقع سريانه خلال العام الجاري سيؤدي إلى زيادة في وتيرة الاستثمارات الأجنبية الواردة للقطاع العقاري مع انتعاش قياسي للقطاع الذي يقف على أرضية صلبة عنوانها قوة الاقتصاد القطري ونموه المتسارع حتى في أوج الحصار.
ولا يمكن إغفال الإشارة إلى قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي يجرى الترتيب لإقراره خلال 2019 حيث يمثل حجر زاوية لتعزيز مستويات الشراكة بين القطاعين في جميع الأنشطة الاقتصادية كما أنه سيعزز جهود تنويع الاقتصاد الوطني والتي تعتبر أبرز ركائز رؤية 2030.
ونتيجة لكل هذه المبادرات شهدت قطر ارتفاعاً في مستوى الاستثمارات الأجنبية الواردة بنسبة 8.7 في المائة خلال الربع الثالث من عام 2018 وبلغت قيمة إجمالي الاستثمارات الأجنبية في قطر بالربع الثالث 2018 مستوى 709.7 مليار ريال مقابل 653 مليار ريال بالفترة ذاتها من العام الماضي فيما اجتذبت البورصة القطرية تدفقات استثمارية أجنبية بواقع 2.47 مليار دولار في 2018 عقب رفع سقف الملكية لدى معظم الشركات المدرجة إلى 49 في المائة وتعتبر هذه التدفقات أعلى بما يزيد عن ضعف ما حققته البورصة السعودية التي استقطبت 794 مليونا فقط فيما اجتذب سوق أبوظبي 506 ملايين دولار في حين شهدت دبي خروج 245 مليونا.
الأرقام لا تكذب..ولا تتجمل ..ولذا فإنه ليس تجاوزا القول إن المبادرات القطرية المستمرة لتحفيز الاستثمارات الأجنبية الواردة وتطوير بيئة الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار تؤهل دولة قطر للتحول إلى مركز مالي واقليمي في المنطقة.
فالقاعدة الأولى تقول إن مبادرات تطوير بيئة الأعمال هي الأساس للتحول إلى مركز مالي . أما القاعدة الثانية فتقول : لا تنس أبداً القاعدة الأولى!