هكذا يتغلب رواد الأعمال على ارتفاع إيجارات المكاتب محليا
كتب- محمد حمدان
رصد رواد أعمال ومراقبون تنامي ظاهرة مساحات العمل المشتركة وهي عبارة عن مساحات مكتبية بأسعار منخفضة وبمرافق مشتركة تتوافر فيها خدمات الطباعة وغرف الاجتماعات وخدمات الاستقبال الأمر الذي يقلص من تكلفة تأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي تلتهم حصة كبرى من التدفقات النقدية ونفقات رواد الأعمال حيث تعتبر الايجارات هاجسا يؤرق رواد الأعمال في السوق المحلي .
وقد ساهمت مبادرة مساحة العمل المكتبية المشتركة التي أطلقها بنك قطر للتنمية في تعزيز هذه الظاهرة محليا حيث يقوم بنك قطر للتنمية بتوفير برنامج احتضان أعمال بكلفة يسيرة، مع تقديم مساحة مكتبيّة مشتركة وحزمة من الخدمات لرواد الأعمال الذين يحتاجون إلى مكاتب لبدء مشاريعهم الناشئة علما بأن مدّة البرنامج عام واحد غير قابل لتجديد، يُطلب خلالها من رواد الأعمال تقديم تقارير شهرية وربع سنوية عن مشاريعهم الناشئة وتطورها. ويقوم فريق مختص من حاضنة الأعمال بمراجعة هذه التقارير مرحلة بعد أخرى
ويوفر بنك قطر للتنمية مساحات مكتبية مزوّدة بكافة الخدمات الأساسيّة وبأسعار مخفضة مع مرافق مشتركة تتوفر فيها خدمات الطباعة وغرف الاجتماعات وخدمات الاستقبال إلى جانب جلسات تدريبية و برمجيات مشتركة مثل (Microsoft BizSpark, Google cloud, SAP Hana) بالاضافة إلى جلسات أعمال ربع سنوية (جلسات غير رسمية) وتنظيم اجتماعات شهرية لرواد الأعمال مع نظرائهم لتبادل الخبرات والمعلومات والحديث عن تقدّم مشاريعهم علاوة على التعريف بالخدمات والبرامج المتنوعة التي يقدمها بنك قطر للتنمية وكيفيّة الاستفادة منها على أفضل وجه غير أن بنك قطر للتنمية يشترط أن يكون مالك المشروع أو الشريك قطرياً وأن تكون فكرة المشروع ريادية ومبتكرة (يطلب تقديم شرح واف عن المشروع مع معلومات شاملة وتفصيلية) كما يشترط أن تندرج فكرة المشروع ضمن المجالات التي حددها بنك قطر للتنمية وهي: الصناعات الإبداعية - تكنولوجيا المعلومات والاتصالات – التعليم – الصحة – الإعلام - تقنيات الرياضة إلى جانب ضرورة اجتياز المقابلات الشخصية والتقييم.
وبحسب أحدث تقرير صادر عن شركة دي تي زد فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة تقود نمو الطلب على العقارات المكتبية ويركز هذا الطلب بشكل أساسي على عدة عوامل، مثل: المرونة في التعاقدات والإقامة المخدومة جيداً، أو وجود وحدات صغيرة غير مكلفة في المواقع الثانوية، بدلاً من استئجار مكاتب للشركات بمساحات كبرى.
إقبال كبير
ويقول رائد الاعمال عبدالله الكبيسي، إن هناك نموا في الاقبال على مساحات العمل المشتركة، لافتاً إلى أن رواد الاعمال الشباب لا يستطيعون استئجار المكاتب نتيجة ارتفاع اسعارها الأمر الذي أدى إلى ظهور مساحات العمل المشتركة بوصفها حلاً ابداعيا يتغلب به رواد الأعمال على عقبة ارتفاع أسعار الايجارات التي تعتبر أبرز عقبه تواجه تأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطر حيث أنها تلتهم حصة كبرى من رأس المال وتزيد الأعباء المالية وتؤدى إلى تعثر حزمة من المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومن هنا ظهرت مساحات العمل المشتركة والتي تشهد اقبالا واسعا من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة نتيجة تمتعها بالمرونة وتميز الخدمات المقدمة عن طريق مرافق مشتركة الأمر الذي يقلص من تكلفة تأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة في السوق المحلي.
غير أن الكبيسي يقول أنه ورغم أن مساحات العمل المكتبية المشتركة تقلص النفقات فإن المستويات السعرية للايجارات المكتبية في قطر مازالت أعلى من نظيراتها في معظم أسواق العالم موضحا أنه تلقي اتصالاً قبل اسبوع من احدى الشركات التي قدمت له عرضاً بتوفير مساحات عمل مشتركة مع آخرين الا أن مستويات الاسعار المطروحة كانت مرتفعة داعياً الدولة إلى تعزيز المبادرات الهادفة إلى توفير مساحات عمل مشتركة بأسعار مناسبة تلائم رواد الاعمال وبشروط ميسرة .
تخفيض التكلفة
و بدورة قال الخبير العقاري خليفة المسلماني، ان مساحات العمل المشتركة شهدت نمواً ملحوظاً في الطلب خلال العام الماضي ولازالت تسجل مزيداً من الإقبال، مشيراً إلى أن بعض الشركات تطلق عليها « البيزنس سنتر» حيث تقوم الشركات باستجار طوابق أو مبان وتوفر فيه جميع الخدمات بدءا من قاعات ومكاتب الاجتماعات ومقهى داخلي أو بوفيه، فضلاً عن خدمات المكاتب من طباعة وتصوير وأجهزة اتصال وسكرتارية وغيرها كما تقوم بالحصول على التراخيص اللازمة من وزارات التجارة والصناعة و البلدية والبيئة والدفاع المدني وكل الجهات ذات الصلة، ومن ثم تقوم بطرح هذه المباني للإيجار حسب حاجة كل فرد.
وأضاف أن هذه المراكز تتواجد في منطقة الخليج الغربي والدفنة وبعض مناطق الدوحة وفي المنصورة والنجمة أيضا وقياسا على مستويات الايجارات الحالية فإن مساحات العمل المشتركة تخفض تكلفة الايجارات بواقع 70 % وهي نسبة مذهلة الأمر الذي يفسر تنامي هذه الظاهرة بالسوق المحلي غير أن هناك جانبا سلبيا للظاهرة وهو أزمة المواقف وتكدس السيارات في بعض الاماكن وهو ما يستدعي ايجاد آليات للحل .
واشار إلى ان الطلب المرتفع دفع عددا من ملاك العقارات نحو بناء مساحات عمل مكتبية مشتركة ، مشيراً إلى أن المطورين العقاريين يتأقلمون مع التغيرات بشكل متسارع ويسعون لتلبية الطلب المتزايد على المساحات المكتبية المشتركة.
الأعباء التعاقدية
ومن جانبه أشار رجل الأعمال خالد الكواري إلى ان مساحات العمل المكتبية المشتركة توفر فرصة مثالية لرواد الأعمال الذين يريدون التحرر من الالتزامات التعاقدية المتعلقة بالايجار ومدته حيث يمكن لأي رائد أعمال استئجار مساحة مشتركة وتركها بعد 6 أشهر أو 8 اشهر كيفما شاء وهي مرونة كبرى توفرها هذه الظاهرة بالسوق المحلي إلى جانب تكلفتها المنخفضة.
وأضاف أن مساحات العمل المشتركة تتيح فرص للتعارف مع شركات أخرى من شركاء المساحات المكتبية الأمر الذي يوفر فرص للاندماج والتحالف والتعاون المشترك مع زيادة منسوب مشاركة الافكار والتفاعل، علاوة على انها توفر الكثير من التسهيلات مثل توفير الخدمات وغرف الاجتماعات، فضلاً عن تقليل التكاليف فهي تغني عن التعاقدات العقارية الشهرية ولذلك تعتبر الحل المناسب لأصحاب المهن الحرة والشركات الناشئة.
ولفت إلى أنه ومن الزاوية الاقتصادية فإنها تعتبر أقل تكلفة وأكثر حرية ومرونة قياساً بالعمل في المكاتب في الخاصة التى تلزم أصحابها بعقود إيجار شهرية مرتفعة وقيود أخري.
وحسب بيانات دي تي زد العقارية ، فإن متوسط إيجارات المكاتب في الخليج الغربي يتراوح حاليا بين 120 ريالا و 150 ريالا للمتر المربع الواحد شهرياً؛ ولا تزال المكاتب المجهزة صاحبة المعدل الأعلى بأكثر من 180 ريالا للمتر المربع في الشهر. وهناك مساحات مكاتب أخرى متوفرة في مناطق مثل: السد والطريق الدائري الثالث، وتتوافر حاليا بإيجارات شهرية تتراوح بين 80 و 100 ريال قطري للمتر المربع، حسب الحجم والجودة والتجهيز والموقع.
ومن المغريات التي باتت حاضرة حاليا في السوق القطري كذلك فترات الإيجار المجانية، التي تتراوح بين 2 و 3 أشهر، وهي شائعة في عقود الإيجار الجديدة. وبعض المستأجرين أيضاً تمتعوا بميزة انخفاض إيجاراتهم، بسبب تجديدهم لعقود الإيجار القديمة بشروط جديدة أفضل وأقل قيمة سعرية.
وتتوقع دي تي زد، أن يصل إجمالي المعروض من المساحات المكتبية في قطر إلى 6 ملايين متر مربع بحلول عام 2022، في حين أن غالبية إمدادات المكاتب المقبلة ستتركز في منطقة لوسيل مارينا والتي ستوفر مساحة إضافية قدرها 230 ألف متر مربع كما ان مشروع مشيرب قلب الدوحة سيوفر أكثر من 200 ألف متر مربع من المساحات المكتبية.
وبحسب دي تي زد فإن قطر تستهدف زيادة المساحات السكنية بنحو 50 %، والمساحات المكتبية بنسبة 40 % في السنوات الثلاث القادمة، لمواجهة الطلب المتوقع من بطولة كأس العالم لكرة القدم.
وفي المقابل يشير تقرير صدر مؤخرا عن شركة الأصمخ للمشاريع العقارية إلى أنه على الرغم من الفائض بالمساحات المكتبية فإن الطلب على المساحات الصغيرة التي تتراوح ما بين (100 و 150) مترًا في ازدياد .