زياد عيسى: «سهيل القابضة» أكبر مجموعة صناعية في قطر
كتب – محمد عبدالعزيز
تصوير: محمود حفناوي
بخطى متسارعة وثقة مستمدة من دعم الدولة للقطاع الصناعي نحو الاكتفاء الذاتي لتلبية جميع متطلبات الجهات الحكومية والسوق القطري اعتماداً على النفس، تسير مجموعة سهيل القابضة نحو آفاق جديدة من الإنتاج الصناعي القائم على إعادة تدوير المعادن، إحياء لثروة مهدرة ناتجة عن الطفرة التي تشهدها الدولة من مشاريع الإنشاء والبنية التحتية، واستغلالا لمخلفات المشاريع المعدنية بصورة مثالية، لإنتاج وتزويد السوق بكل ما يحتاجه من منتجات معدنية وبلاستيكية كانت تستورد من الخارج وبعضها لم يكن يصنع في قطر، إلا أنه في الوقت الراهن بات يصنع بنسبة 100 % بأياد قطرية وعزيمة على غزو الأسواق العالمية بمنتجات تنافسية.
وفي حوار خاص، يستعرض المدير العام لمجموعة سهيل القابضة زياد عيسى أبرز أهداف المجموعة واختصاص مصانعها المختلفة والمنتجات التي توفرها للسوق القطري، إضافة لحجم استثماراتها الحالية وخطتها التوسعية داخلياً وخارجياً، كما يسلط الضوء على القيمة الاقتصادية والبيئية التي تعزز دور مصانع المجموعة في قطاع إعادة تدوير المعادن والبلاستيك.
وقال عيسى إن مجموعة سهيل القابضة تعتبر أكبر مجموعة صناعية في قطر حالياً من حيث عدد المصانع وقيمة الاستثمار ونوعية الصناعة، وتعتبر المجموعة الصناعية الأولى في قطر في مجال إعادة تدوير جميع أنواع المعادن، كالنحاس والألومنيوم والبطاريات والزنك والبلاستيك وغيرها من المواد الصلبة.
3 مصانع
وأكد أن المجموعة تعمل دون توقف على التطوير المستمر وإعداد الدراسات المستقبلية لغزو السوق المحلي والعالمي، حيث إنه من المخطط تشغيل 3 مصانع إضافية خلال العام المقبل 2021 داخل قطر، ومن المخطط أن ترتكز مهام المصانع الجديدة على الصناعة الهندسية للمعادن (المسبوكات)، وتهدف المصانع في المقام الأول إلى توفير جميع ما تحتاجه جهات الدولة ومشاريعها من منتجات معدنية تحتاجها في الأعمال الأساسية للمشاريع. وعلى سبيل المثال لا الحصر، سوف تنتج المصانع المنهولات الحديدية ومراكز تجميع الأمطار وغيرها من الاحتياجات والمتطلبات اللازمة للجهات المعنية بالبنية التحتية (أشغال).
وأوضح عيسى أن المجموعة قد شاركت ملتقى المنتجين المحليين الذي عقدته هيئة الأشغال العامة (أشغال) في سبتمبر الماضي، وقررت أنها ستقوم بالتركيز على إنتاج المواد المصنعة خارج قطر، لتقوم هي بتصنيعها خصيصاً لـ «أشغال» بدلاً من استيرادها من الخارج، وذلك سعياً من مجموعة «سهيل» القابضة إلى سد الفجوات الإنتاجية في هذا القطاع الصناعي لخدمة السوق القطري والاستجابة لاحتياجاته وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ولفت إلى أن إدارة المجموعة كانت قد اجتمعت مع سعادة الدكتور المهندس سعد المهندي رئيس هيئة الأشغال العامة «أشغال»، وأكدت لسعادته قدرتها على إنتاج وتوفير معظم المنتجات المعدنية اللازمة لمشاريع الهيئة، بل وتسعى المجموعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي للدولة في قطاع إعادة تدوير المعادن، لما له من أهمية بالغة تجاه خطط التنمية الوطنية. من جانبهم، أبدى المسؤولون في «أشغال» تعاونهم الكامل مع المجموعة في هذا النحو، مؤكدين أن المواد المنتجة محلياً تعتبر هدفا استراتيجيا للجهات المعنية بتنفيذ المشاريع، وإحدى محاور رؤية قطر الوطنية 2030، وتأتي تنفيذا لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بتحفيز الإنتاج الوطني ودعمه والعمل على الاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي على جميع الأصعدة.
إنتاج وتزويد
وبين عيسى أن هيئة الأشغال العامة ستوافي مجموعة سهيل القابضة بقائمة تضم جميع المواد التي تحتاجها في تنفيذ المشاريع لكي يتم تصنيعها محلياً من قبل المجموعة، مشيراً إلى أن المصانع الثلاثة التابعة للمجموعة قد دخلت مرحلة الإنشاء بالفعل، على أن يبدأ طور إنتاجها خلال النصف الثاني من العام المقبل 2021، لإنتاج متطلبات «أشغال» والجهات الأخرى محلياً بنسبة 100 %، ومن المخطط لمصانع مجموعة سهيل القابضة الجديدة أن تتحلى بالقدرة الكاملة على تصنيع القطع المعدنية بطريقة الهندسة العكسية، لخدمة قطاع الطاقة والبنية التحتية وجميع الجهات التي تحتاج لمنتجاتها في مشاريعها الحالية والمستقبلية.
وعن الإنتاج الفعلي لمجموعة سهيل، قال المدير العام للمجموعة زياد عيسى إنه يتم حالياً إنتاج جميع المنتجات الصناعية من مواد النحاس والألومنيوم والرصاص، كبطاريات السيارات على سبيل المثال والبلاستيك، الذي من المنتظر أن يسجل هدفاً هاماً يتمثل في اكتفاء الدولة من إنتاج حاويات القمامة المصنوعة من البلاستيك مصنوعة محلياً بالكامل.
ونوه عيسى إلى أن جميع المنتجات التي تصنعها المجموعة تأتي من مواد معاد تدويرها بالكامل تمر بمراحل إنتاجية قائمة على معدات وماكينات تمثل أحدث الأنظمة الصناعية العالمية في هذا المجال، موضحاً أن ما تقوم به «سهيل» يعد بمثابة الاستغلال الأمثل للثروة المهدرة، فيما كانت الشركات الخارجية تقوم بجمع الخردة وتعيد تصنيعها وتصديرها وضخها الأسواق بأسعار مضاعفة.
أما بشأن المصادر التي تعتمد عليها مصانع المجموعة لجلب المواد المعدنية والبلاستيكية لإعادة تدويرها وإنتاجها مرة أخرى، فأوضح عيسى أن هناك عدة مطامر تابعة لوزارة البلدية والبيئة تعمل على معالجة النفايات، فيما قامت المجموعة مؤخراً بالاتفاق مع وزارة البلدية والبيئة على أخذ المواد التي يمكن أن يعاد استخدامها أو الاستفادة منها بالشكل الأمثل.
ولفت عيسى إلى أن المصدر الرئيسي للحصول على مواد معدنية لإعادة التدوير هو كل مشروع في الدولة يخلف وراءه خردة معدنية قابلة لإعادة الإنتاج مهما كانت نوعها، فهي بالنسبة لمصانعنا بثمابة وقود المحرك سواء أكانت (كابلات، حديد، نحاس، زنك.. إلخ).
مصانع خضراء
وعلى مستوى كفاءة الترشيد والبيئة، أكد عيسى أن جميع عمليات المعالجة لإعادة التدوير عديمة الانبعاثات، وذلك بفضل المرشحات التي تقوم بعزل وتنقية الأبخرة الناتجة عن الصهر ومراحل التصنيع، ما يؤكد أن مصانع «سهيل» خضراء وصديقة للبيئة، وتتناغم مع سياسات الترشيد والمحافظة على جودة البيئة في قطر.
ونوه إلى أن الهدف الأسمى الذي تسعى إليه مجموعة «سهيل» هو توفير جميع المواد المعدنية وتلبية احتياجات السوق المحلي من هذا القطاع بنسبة 100 %، وقال: نسعى إلى إنتاج كل شيء متعلق بمجالنا وبعد تحقيق الهدف على المستوى المحلي، تسعى «سهيل» لضخ منتجاتها القطرية الصنع في الأسواق الخارجية ومن ثم المنافسة عالمياً.
الجهات الحكومية
وعن الاتفاقيات الحالية مع الجهات الحكومية، أوضح عيسى أن هناك اتفاقا مع وزارة البلدية والبيئة لتوفير حاويات القمامة البلاستيكية، إضافة إلى اتفاق مع شركة قطر للألومنيوم المحدودة (قطلوم) لتوفير منتجات الألمونيوم التي تحتاجها، مع إنتاج الكابلات الكهربائية من النحاس لتغطية 50 % من احتياجات السوق، علاوة على الخطة الإنتاجية الخاصة بالمصانع الثلاثة الجديدة لتوفير المواد اللازمة لمشاريع البنية التحتية، استجابة لمتطلبات هيئة الأشغال العامة «أشغال». كما سيتم الاتفاق مع شركة قطر للبترول، لإنتاج منصات التحميل البلاستيكية للبضائع، إضافة لمسبوكات الحديد بأنواعها التي يتم تزويد الجهات المنفذة للمشاريع بها.
كفاءة وجودة
وأفاد عيسى بأن مجموعة سهيل القابضة بمصانعها المختلفة لا تنافس شركات مماثلة موجودة على أرض الواقع، بل تبحث عما هو غير موجود في قطر لتنتجه قطرياً بالكامل، مشيراً إلى أن نوعية الصناعات التي تقوم عليها مجموعة «سهيل» القابضة تعتبر من الصناعات فوق المتوسطة التي تقوم عليها دول، من حيث الطاقة الاستيعابية والإنتاجية، مضيفاً أن المجموعة لديها القدرة التشغيلية عالية الكفاءة من حيث إنتاج مصنوعات عالمية الجودة والمواصفة، ولم يكن هذا المستوى يأتي صدفة بل هناك عمليات ودراسات علمية يعكف عليها مختصين كيميائيين وخبراء ومعمليين يختبروا المعادن في مختبر الفحص لدينا في المصنع الرئيسي الذي يعتبر الأحدث من نوعه، وتبلغ تكلفته نحو 3 ملايين يورو تقريباً، لتصنيع منتجات فائقة الجودة تنافس الصناعات العالمية.
الانطلاقة والتوسع
وعن انطلاقة المجموعة، قال المدير العام لـ «سهيل» القابضة زياد عيسى إن البداية كانت قبل نحو 6 سنوات، واليوم تستعد المجموعة لتدشين أول مصانعها الخارجية، وقد تم اختيار «إثيوبيا» كموقع لهذا المصنع، كما تم الاتفاق والتنسيق مع السلطات الإثيوبية لتنفيذ هذا المشروع الهام، لكي يصبح مركزاً لإعادة تدوير المعادن، ومن المنتظر أن يتم افتتاحه في الربع الأول من العام المقبل 2021، أما الخطوة التالية فتتمثل في إنشاء مصنع في تايلاند، موضحاً أن جميع الاتفاقيات المرتبطة بافتتاح المصانع خارجية تسير بنجاح، نظراً للقيمة الكبيرة التي تحملها تلك المشاريع الصناعية الاستراتيجية التي تدفع اقتصاد الدول إلى الأمام وتعزز مكانتها التجارية والاقتصادية معاً، حيث يشكل اعتمادها على الصادرات أحد أكبر مميزاتها الاقتصادية ، وذلك لارتباطها المباشر بقيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي .
وأكد أن المجموعة سوف تتمتع بطاقة إنتاجية من خلال 9 مصانع أساسية، تبلغ قدرتها التشغيلية 100 % خلال العام المقبل 2021، وتستهدف الخطط الموضوعة لتلك المصانع إنتاج كل ما يخص المعادن المعاد تدويرها في قطر لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
العنصر البشري
وعلى صعيد الطاقة البشرية للمجموعة بما تشمله من أطقم عمالية وفنية وخبراء ومختصين، أكد عيسى أن إجمالي عدد الموظفين حالياً يبلغ نحو 500 موظف، وقد يبدو هذا العدد البشري ضئيلا للبعض، إلا أن نهج المجموعة هو الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا إلى جانب العنصر البشري دون وجود أية ثغرات للترهل الوظيفي، أي أن مصانعنا تعتمد على الكفاءة العملية من الدرجة الأولى، والتدريب المستمر على المعدات الحديثة، وتوظيف المتميزين من الخبراء والمختصين في هذا المجال، نظرا لأهمية كفاءة العنصر البشري التي تلعب دوراً رئيساً في جودة المنتج النهائي.
دعم الدولة
وأكد عيسى أن الدولة لا تألو جهداً في سبيل خلق بيئة استثمارية وصناعية نموذجية أمام المنتجين، وتوفر كل الدعم للمصنعين المحليين، علاوة على التعاون الكامل بين المجموعة والجهات الحكومية، والتنسيق المثمر والمستمر في جميع مراحل المشاريع والاتفاقيات الحالية والمستقبلية، موضحاً أن الحكومة الرشيدة تدعم القطاع الخاص من حيث الأراضي الصناعية والمناطق اللوجيستية والطاقة اللازمة للإنتاج والتصنيع بأسعار رمزية، لا سيما القروض البنكية التيسيرية التي توفرها أمام المستثمرين، مؤكداً أن مجموعة سهيل القابضة تعتبر من أكبر شركاء بنك قطر للتنمية، فضلاً عن أن البنك يعد من أكبر داعمي المجموعة ويعتبر شريكا استراتيجياً.
واختتم عيسى قائلا: إن إجمالي استثمارات مجموعة سهيل القابضة يبلغ نحو 500 مليون ريال قطري، وتخطط المجموعة لوصول حجم استثماراتها إلى مليار ريال قطري خلال العام المقبل 2021، وذلك مع افتتاح وتشغيل المصانع الجديدة ورفع الطاقة الإنتاجية للمواد المصنعة.