ما هي القطاعات الأقل تأثرا بـ «كورونا» محليا في قطر ؟
كتب - محمد الأندلسي | حددت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال للتصنيفات الائتمانية العالمية القطاعات الأقل تأثرا بتداعيات جائحة كورونا في دولة قطر، وهي : قطاعات : البنوك، والاتصالات، والمرافق، والسلع الاستهلاكية، والتعليم، فيما جاء قطاع خدمات الرعاية الصحية ضمن فئة التأثير المتوسط لافتة إلى أن القطاع المصرفي في قطر هو الأقل تأثرا بالتداعيات السلبية لتفشي جائحة كورونا على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة المرونة التي أبداها في مواجهة التداعيات وقوة رسملته ومعدلات كفاية رأس المال التي تتجاوز المتطلبات التنظيمية ومستويات القروض غير المنتظمة “المتعثرة” المنخفضة في قطر.
وبحسب مصرف قطر المركزي فقد نجحت البنوك في درء المخاطر وتحقيق أداء جيد في عام 2020 رغم تداعيات جائحة كورونا، حيث استمرت نسبة كفاية رأس المال لدى البنوك أعلى من 18% على أساس متوسط القاعدة الرأسمالية لدى جميع البنوك، وكذلك على أساس فردي لكل بنك على حدة، وحافظ كل بنك على كفاية رأسماله فوق نسب المتطلبات الرقابية، كما شهد حجم الأعمال لدى البنوك المحلية نموا بنسبة تصل الى نحو 8.6% بينما أقرت معظم البنوك توزيعات سخية على مساهميها .
وبلغت أرباح البنوك القطرية المدرجة في البورصة عن 2020 مستوى 21.3 مليار ريال ورغم أن هذه النتائج أقل بنسبة 8.1% من الأرباح المحققة في عام 2019 فإن ذلك يرجع بالدرجة الأولى إلى تحوط البنوك من الانكشاف على المخاطر وتكوينها لمخصصات إضافية مقابل الخسائر الائتمانية المتوقعة، ومقابل الديون غير المنتظمة ومخصصات هبوط قيمة الاستثمارات وتعتبر المخصصات أبرز ادوات التحوط من الانكشاف على المخاطر في القطاع المصرفي وتنقسم إلى: مخصصات تستقطعها البنوك مقابل القروض المعدومة ومخصصات مقابل القروض المشكوك في سدادها أو تحصيلها علاوة على المخصصات التي يتم استقطاعها لتلبية متطلبات المعيار المحاسبي الدولي 9 (IFRS) والتي تفرض على البنوك تجنيب مخصصات تحوطية واحترازية بناء على التوقعات بحدوث تعثّر أو عدم الدفع من جانب المقترض حيث يتم استقطاع مخصصات منذ اليوم الأول لمنح الائتمان للعميل بمعنى أنه يتعين على البنوك دراسة الوضع الائتماني للعميل، وتكوين المخصصات اللازمة له قبل منحه الائتمان ويتم تحرير المخصصات وتحويلها إلى أرباح بمجرد انتفاء أسباب تجنيبها.
ويشير معهد المحاسبين العرب في تعريفة للمخصصات إلى أنها: «عبارة عن أي عبء يحمل على إيرادات الفترة المالية لمقابلة أي نقص محتمل في قيمة أي أصل من الأصول أو أي التزامات مؤكدة أو محتملة الحدوث.. ولما كانت عملية مقارنة الإيرادات بتكلفة الحصول عليها يجب أن تتم دورياً وبانتظام، ولما كان من أهم واجبات الإدارة المحافظة بكل الوسائل على رأس المال كاملاً غير منقوص كحد أدنى، لذلك لابد من تحديد تكلفة الحصول على الإيرادات بكل دقة، ويتم ذلك عن طريق تجنيب المخصصات المالية».
وتعكس محدودية تأثير جائحة كورونا على القطاعات الاقتصادية في قطر نجاح حزمة التحفيز الاقتصادي البالغ قوامها 75 مليار ريال والتي أقرتها الدولة فور بدء الجائحة وساهمت في دعم القطاع الخاص وقيادته إلى تجاوز تداعيات أزمة كورونا وضمان استمرارية أعمال الشركات ومساندة الشركات الصغيرة والمتوسطة .
وأقرت قطر في مارس 2020 حزمة من التدابير والاجراءات لدعم القطاع الخاص شملت : دعم وتقديم محفزات مالية واقتصادية بمبلغ 75 مليار ريال للقطاع الخاص، بالإضافة إلى قيام مصرف قطر المركزي بتوجيه البنوك لتأجيل أقساط القروض المستحقة والفوائد أو العوائد المترتبة عليها، لمن يرغب من القطاعات المتضررة التي شملتها قرارات اللجنة العليا لإدارة الأزمات، وذلك لمدة ستة أشهر اعتباراً من تاريخ 16 مارس 2020، علاوة على توفيره سيولة إضافية للبنوك العاملة بالدولة، وتوجيه بنك قطر للتنمية بتأجيل الأقساط لجميع المقترضين لمدة ستة أشهر، وزيادة الصناديق الحكومية استثماراتها في البورصة بمبلغ 10 مليارات ريال..
ويستمر برنامج الضمانات الوطني للاستجابة لتداعيات كورونا في استقبال طلبات الشركات الراغبة في الاستفادة منه حتى تاريخ 15 يونيو 2021، فيما يواصل بنك قطر للتنمية إدارة برنامج الضمانات الوطني والإشراف عليه من خلال تقديم ضمانات للبنوك المحلية لمنح قروض لشركات القطاع الخاص المتضررة من تداعيات كورونا، وذلك بالتعاون مع وزارة المالية ومصرف قطر المركزي وجميع البنوك العاملة في الدولة، ويهدف البرنامج إلى مساعدة ودعم الشركات الخاصة المتأثرة بصعوبات سداد المدفوعات قصيرة الأجل على مستوى رواتب موظفي القطاع الخاص ومستحقات الإيجار مثل المصانع ومرافق الأعمال والمستودعات وسكن العمال، بينما يقوم بنك قطر للتنمية بضمان التمويلات الممنوحة من البنوك القطرية للشركات الخاصة بنسبة 100 %، علما بأن البرنامج يدعم الشركات القطرية التي تعود ملكيتها بنسبة 100 % للقطاع الخاص وفق قوانين دولة قطرالمتأثرة بسبب تفشي وباء كورونا (كوفيد - 19) وذات سجل تجاري ساري المفعول صادرة من قبل وزارة التجارة والصناعة وفي المقابل عززت وزارة التجارة والصناعة من تدابيرها الوقائية لمواجهة كورونا، فيما قامت غرفة قطر بإطلاق مبادرة تحت عنوان «تكاتف» تهدف إلى تشجيع كافة منتسبيها من القطاع الخاص والشركات المساهمة العامة ورجال الأعمال، للمشاركة في دعم جهود الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا.
وتشير المؤسسات المالية العالمية إلى أن دولة قطر ستمضي قدما في تحقيق نمو اقتصادي خلال عام 2021 مستفيدة من المشاريع المدرجة على موازنة 2021 من جهة وارتفاع أسعار النفط من جهة أخرى.
وتدور أسعار النفط حاليا عند مستوى 70 دولارا للبرميل فيما اعتمدت موازنة دولة قطر لعام 2021 سعرا تقديريا متحفظا بلغ 40 دولارا أميركيا للبرميل وهو ما يعني أن دولة قطر تحقق فوائض مالية حاليا وتتضمن موازنة دولة قطر لعام تقدير إجمالي الإيرادات بما يقارب 160.1 مليار ريال، بينما بلغت تقديرات إجمالي المصروفات للعام المالي 2021 مستوى 194.7 مليار ريال وتركز موازنة عام 2021 على توفير المخصصات اللازمة لاستكمال مختلف المشاريع الرئيسية والمشاريع المرتبطة باستضافة كأس العالم 2022 ضمن البرنامج الزمني المعتمد، بالإضافة إلى مشاريع البنية التحتية في القطاعات الرئيسية كالصحة والتعليم، وتطوير أراضي المواطنين ودعم الأمن الغذائي وتطوير البنية التحتية في المناطق الحرة والاقتصادية والصناعية واللوجستية وذلك لدعم عملية التنويع الاقتصادي وتعزيز النمو، كما اعتمدت وزارة المالية مبدأ التخطيط متوسط المدى ووضع تقديرات للموازنة العامة للأعوام من 2021 إلى 2023 وذلك بعد مراجعة مشاريع وبرامج كافة القطاعات خلال المرحلة المقبلة وتلتزم جميع الوزارات والجهات الحكومية بالأسقف المالية المحددة للمدى المتوسط 2023- 2021 ويشمل ذلك البرامج والمشاريع المدرجة ضمن استراتيجية التنمية الوطنية الثانية (2018 – 2022).
ويعتبر الإنفاق الحكومي الرأسمالي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في قطر فيما تكشف بيانات وزارة المالية ان قيمة المشاريع الجديدة المعتمدة للدولة والتي سيتم ترسيتها خلال الأعوام 2021 إلى 2023 نحو 53.9 مليار ريال، وتوزعت التدفقات النقدية المطلوبة للمشاريع الجديدة على 5.9 مليار ريال في عام 2021، و9.1 مليار ريال في عام 2022، و11.5 مليار ريال في عام 2023، و27.4 مليار ريال في عام 2024، وذلك بحسب وزارة المالية.
كما تواصل الدولة التركيز على قطاعي التعليم والصحة، إذ تُقدر مخصصات قطاع التعليم بنحو 17.4 مليار ريال، وتم تخصيص جزء منها لتوسعة وتطوير المدارس والمؤسسات التعليمية، كما تم تخصيص مبلغ 16.5 مليار ريال لقطاع الصحة، تتضمن المزيد من المشاريع المهمة في مجال تطوير الرعاية الصحية وتوسعة المنشآت الطبية والصحية المعتمدة للعام 2021.
وتتعاون وزارة المالية مع هيئة الأشغال العامة بهدف تطبيق خطة استراتيجية من خلال ربط مؤشرات الأداء المستهدفة في المشاريع الجديدة، وستكون هذه المؤشرات من ضمن العوامل الرئيسية المستخدمة لتحديد مسارات الإنفاق وربطها بالخطة الاقتصادية للدولة، وهي 4 مؤشرات، أولا: القيمة مقابل التكلفة من خلال تقييم المشاريع بالأثر والقيمة التي ستعود من خلال تنفيذها، وسيكون ذلك عبر دراسة أهداف المشروع المرجوة ومراجعة هذه الأهداف بعد التشغيل، وثانيا: الهندسة القيمية: من خلال المراجعة الفنية للتصاميم والمواد المستخدمة بالتعاون مع الخبرات اللازمة في هيئة الأشغال العامة لضمان الاستغلال الأمثل للموارد المالية المخصصة لتنفيذ المشاريع، وثالثا: الأثر الاقتصادي: عن طريق الحرص على ربط المشروعات بالعائد الاقتصادي وتعزيز فرص مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار من خلال الشراكة الاقتصادية، ورابعا: أولويات الإنفاق: عبر تحديد أولويات الإنفاق والحرص على توازن الإنفاق السنوي من خلال وضع جدول زمني لتنفيذ المشروعات لضمان توزيعها واستمرارها على مدار الخطة الاستراتيجية لمحفظة المشروعات العامة.