بالأرقام ..حجم استثمارات انتاج اللحوم المزروعة في قطر
نقلت شبكة بلومبرغ الأميركية عن جوش تيتريك، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «Eat Just»قوله إن تكلفة أول منشأة لإنتاج اللحوم المزروعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنطقة أم الحول الحرة تبلغ أكثر من 728 مليون ريال قطري (ما يفوق 200 مليون دولار أميركي)، في الوقت الذي تشير فيه مؤسسة ماكينزي العالمية إلى أن اللحوم المصنّعة بالكامل في المختبرات ستبلغ قيمتها نحو 25 مليار دولار بحلول عام 2030.
وبنهاية أغسطس 2021، أعلنت شركة «Eat Just»، وهي شركة رائدة في مجال تطبيق أحدث العلوم والتكنولوجيا لإنتاج أغذية صحية ومستدامة، عن عقد شراكة مع شركة الدوحة للاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، وهيئة المناطق الحرة في قطر، لتأسيس أول منشأة لإنتاج اللحوم المزروعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ومن المقرر أن يقع المركز الإقليمي لإنتاج اللحوم المزروعة في منطقة أم الحول الحرة، وهي إحدى المنطقتين الحرتين اللتين تخضعان لإشراف وتنظيم هيئة المناطق الحرة في الدولة.
وتتيح منطقة أم الحول الحرة إمكانية الوصول المباشر إلى ميناء حمد، فيما سيتألف المركز من منشأة واسعة مخصصة لقسم «GOOD Meat» التابع لشركة «Eat Just» ، وهي أول شركة في العالم تقوم بإنتاج اللحوم المصنعة من خلايا الحيوانات وتطرحها للبيع في الأسواق ولديها فروع في سنغافورة. ومن المخطط أيضاً إضافة منشأة لمعالجة البروتين لقسم «JUST Egg»، وهو القسم المخصص لإنتاج البيض النباتي في الشركة. ومن المقرر أن يعمل في المركز الإقليمي لإنتاج اللحوم المزروعة مهنيون متخصصون في مجال البحث والتطوير والهندسة وتطوير الأعمال.
وستكون هذه أول منشأة في مجال اللحوم البديلة تتواجد في المناطق الحرة في قطر والخليج، حيث تسعى هيئة المناطق الحرة القطرية إلى استقطاب كبرى الشركات العالمية الرائدة التي تتبنى التكنولوجيا المبتكرة لبناء مستقبل مستدام.
وأعلنت هيئة المناطق الحرة، بالتعاون مع وزارة الصحة العامة في قطر، عن نيتها منح الموافقة التنظيمية قريباً لـ «GOOD Meat» لإنتاج الدجاج المزروع، وقد منحتا رسمياً رخصة تصدير المنتج المبتكر.
ويأتي اهتمام «Eat Just» بمنطقة الشرق الأوسط في الوقت الذي تسعى فيه الشركة إلى تقديم منتجات «JUST Egg» الحائزة على جوائز إلى محلات التجزئة والمطاعم في جميع أنحاء العالم. وتعد «JUST Egg» العلامة التجارية الأسرع نمواً لإنتاج البيض في الولايات المتحدة، حيث تصُنف على أنها العلامة التجارية الأولى ضمن فئتها من حيث ولاء المستهلكين لشرائها، إذ تشتري 1.2 مليون أسرة أمريكية هذه العلامة التجارية. وقد باعت الشركة ما يعادل 160 مليون بيضة نباتية حتى الآن، وفي النصف الأول من عام 2021، حققت الشركة مبيعات حطمت الأرقام القياسية من خلال محلات التجزئة.
ويأتي ذلك في أعقاب التسويق التجاري الناجح لـ «GOOD Meat» والتزام الشركة ببناء منشأة كبيرة لإنتاج البروتين في سنغافورة.
ومنذ حصولها على موافقة الجهات المعنية – وهي أول موافقة من نوعها في العالم – لإنتاج اللحوم المزروعة وتقديمها في قوائم المطاعم وعبر التوصيل للمنازل في سنغافورة، فقد حازت «GOOD Meat» على إشادة كبار المديرين التنفيذيين في القطاع، والعلماء، والأكاديميين البارزين عالمياً، والمؤسسات الإعلامية الرائدة، نظراً لأن هذا الإنجاز يمثل بداية مرحلة تحوليّة جديدة لنظام الغذاء العالمي.
وتعتبر شركة «Eat Just» متخصصة في تكنولوجيا الغذاء وتهدف إلى بناء نظام غذائي أكثر صحة وأماناً واستدامة للأفراد. وتقوم الشركة بتفعيل البروتينات النباتية وزراعة الخلايا الحيوانية بقيادة فريق عالمي من العلماء والطهاة المتخصصين في أكثر من اثني عشر تخصصاً بحثياً. وقد أنشأت شركة «Eat Just» العلامة التجارية الأمريكية الأسرع نمواً لإنتاج البيض، والمصنوع بالكامل من النباتات، والعلامة التجارية الأولى التي تقوم بإنتاج اللحوم المصنعة من خلايا الحيوانات بدلاً من الحيوانات المذبوحة وطرحها للبيع في الأسواق. وقد صنفت الشركة كواحدة من “الشركات الأكثر ابتكاراً” من قبل مجلة «Fast Company»، وضمن قائمة “أبرز 100 شركة ريادية” وفق مجلة Entrepreneur، كما صنفت ضمن قائمة “أكثر 50 شركة مبتكرة” من قبل قناة سي إن بي سي، وحصلت على لقب رائد التكنولوجيا من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي. وتم تصنيف «JUST Egg» ضمن قائمة “أعظم 100 ابتكار” من قبل مجلة «Popular Science» وضمن قائمة “World Changing Ideas” من قبل مجلة «Fast Company». وصنف الإعلان عن «GOOD Meat» لأول مرة في التاريخ على أنه أحد أهم الإنجازات العلمية لعام 2020 من قبل مجلة «The Guardian» و«Vox» و«WIRED».
وقد رصدت وكالة أنباء الأناضول التركية اتجاه العلماء في المستقبل القريب لإنتاج لحوم مصنّعة بالكامل في المختبرات، لتدخل ضمن المنظومة الغذائية، بهدف تخفيف الضغط على مزارع الأبقار والماشية، ويأتي ذلك في محاولة لمكافحة الفقر وحل أزمة الغذاء العالمية، نظرًا لقلة المراعي الطبيعية التي لا تتناسب مع الزيادة الكبيرة في تعداد سكان الكرة الأرضية، الذين من المنتظر أن يصل عددهم إلى نحو 8.9 مليار نسمة بحلول عام 2050.
وعبر الطرق التقليدية، فإن الحصول على قطعة “برجر” وزنها حوالي 100 جرام، يتطلب حوالي 700 جرام من الحبوب لتغذية الماشية، و52 جالونا من المياه للشرب وري محاصيل الأعلاف، 74 قدمًا مربعًا من الأراضي للرعي والنمو، و10 وحدات حرارية من الوقود الأحفوري لإنتاج الأعلاف ونقلها.
وفي ضوء تطوير العلماء تقنية اللحوم المزروعة في المختبر سريعًا، فربما نرى هذا النوع من اللحوم إلى جانب الأنواع التقليدية في الأسواق خلال المستقبل القريب، للحفاظ على أسلوب أكثر استدامة لإنتاج اللحوم، بدلا من الوسائل التقليدية للثروة الحيوانية وتأثيراتها على البيئة.
وعقب النجاح الذي حققه فريق من العلماء الهولنديين، خلال عام 2013، عبر من إنتاج لحم “برجر” فى المختبر، بتكلفة إجمالية بلغت 330 ألف دولار أمريكي، نجحت شركة أمريكية متخصصة في هذا المجال، تدعى “ممفيس ميتس” قبل عدة أشهر في إنتاج لحوم مزروعة في المختبر لأول مرة في العالم، بتكلفة تبلغ 18 ألف دولار أمريكي لأقل من نصف كيلوجرام.
وعن طريقة تصنيع اللحوم في المختبر، أخذ فريقا البحث، الخلايا الجذعية ذاتية التجدد من الحيوانات، لزراعتها في بيئة تشبه مصانع “البيرة” أو الجعة، وذلك بدلاً من تربية الماشية للحصول على لحومها.
ورغم أن ارتفاع التكلفة يجعل من السعر غير مناسب للجمهور، لكن كلا الفريقين الهولندي والأمريكي يرى أن هذه التقنية ستستمر في التقدم سريعاً، لتصل إلى مرحلة بيع منتجاتها في متاجر البقالة والمطاعم في غضون أعوام قليلة.
ويقول أوما فاليت، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة ممفيس ميتس، إن العملية التي تعتمدها الشركة لإعداد منتجاتها، تطلق انبعاثات أقل بنسبة 90 % من الإنتاج التقليدي للحوم، لأن زراعة الخلايا لا تحتاج إلى أراض واسعة، وسنتمكن حينها في الحالة المثالية من إعادة الأراضي التي تستخدم لإيواء الماشية وتربيتها إلى الطبيعة.
وتمثّل ظروف المختبرات عاملًا مهمًا في إثبات مزايا اللحوم المزروعة في المختبر، مقارنة مع البروتينات الحيوانية التقليدية، إذ تزرع اللحوم في بيئة معقمة، فضلاً عن أن هذه الظروف لا تسمح بنمو البكتيريا الخطيرة مثل السالمونيلا أو الإشريكية القولونية، فيبقى المنتج آمنًا من التلوث بها.
بدوره يقول البروفيسور مارك بوست من جامعة ماستريخت الهولندية، أحد المشاركين في زراعة أول لحم برجر في المختبر، إن اللحوم المزروعة تتمتع بجانب آخر مفيد لصحة الإنسان، وهو القدرة على إزالة أو تقليل الدهون المشبعة.
وأضاف: تستطيع الخلايا الجذعية مبدئياً صنع الأحماض الدهنية “أوميجا 3”، فإن نجحنا في الاستفادة من تلك الآلية الخلوية، فسنتمكن من إعداد برجر صحي.
وأشار إلى أن الدهون من العناصر الأساسية في تحديد نكهة اللحوم وملمسها وغيرها من الخصائص المرغوبة كالطراوة، فمن الضروري أن تحتفظ اللحوم المزروعة بالمحتوى الدهني، وتبقى الأحماض الدهنية “أوميجا 3” صحية أكثر من الدهون المشبعة، ولا بد من إيجاد توازن بينهما، لأن نسبة كبيرة من أحماض “أوميجا 3” تجعل طعم اللحم مشابهاً لطعم السمك.
ويعتقد المتخصصون أن أحد أكبر التحديات التي تواجه إنتاج اللحوم في المختبر، هو الحصول على القوام المناسب، الشبيه باللحوم التقليدية، مشيرين إلى أن إنتاج اللحوم في المختبر بكميات تجارية يتطلب استثمارات أكبر بكثير من تمويل بحث علمي، كما يتعيّن التأكد من سلامة اللحم على الإنسان.
وكانت وكالة المعايير الغذائية البريطانية أكدت أن أي غذاء جديد أو غذاء يُنتج بعملية تكنولوجية جديدة، يجب أن يخضع لتقويمات واختبارات مستقلة صارمة قبل طرحه في الأسواق.
ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو”، فإن 26% من الأراضي الخالية من الجليد على سطح الأرض تُستخدم لإنتاج علف الماشية، حيث نفقد سنوياً 32.1 مليار فدان من مساحة الغابات، بسبب تحول الأراضي نحو الاستخدامات الزراعية كالمراعي أو أراضي المحاصيل.
وأشارت المنظمة إلى أن تربية الماشية تساهم في 14.5% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن النشاطات البشرية، ويعادل ذلك إطلاق 7.1 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون، ويقدر المعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية أن يتضاعف تعداد المواشي بحلول العام 2050.