القطاع الخاص والصحة
جاء صدور القانون رقم (22) لسنة 2021 الخاص بتنظيم خدمات الرعاية الصحية داخل الدولة ليؤسس لمرحلة جديدة من تطوير الخدمات الصحية بالمنشآت الحكومية والخاصة من خلال تطبيق نظام التأمين الصحي والذي سيتم بموجبه تطبيق نظام تأمين صحي إلزامي للوافدين والزائرين، يقدّم خدمات الرعاية الصحية الأساسية لهم عبر مقدمي خدمات الرعاية الصحية في عدد من المرافق الصحية الحكومية والقطاع الخاص، وفقاً لنظام التغطية التأمينية لهم.
ومن المقرر دخول القانون حيز التنفيذ خلال ستة أشهر، وتلزم أحكام القانون صاحب العمل بإجراء تأمين صحي للعاملين غير القطريين لديه عن طريق شركات التأمين المسجّلة لدى وزارة الصحة، وذلك لتوفير التغطية التأمينية الأساسية لهم، وينطبق الالتزام أيضاً على المستقدم لتوفير التغطية الأساسية لمن يستقدمهم. ومن خلال القانون الجديد سوف تضطلع المؤسسات الخاصة والشركات بأدوارها في المشاركة بتحمل كلفة تقديم الرعاية الطبية لمكفوليها، كما أن الحكومة ستمنع ارتفاع أسعار التأمين الصحي الإلزامي، ولن تسمح باستغلال أي طرف للتأمين خارج الإطار القانوني مقابل تربح مادي غير قانوني أو احتيال.
وبالنسبة إلى المواطنين فإن القانون الجديد سيؤدي إلى تلبية الاحتياجات الصحية للمواطنين بالمنشآت الصحية الحكومية، الأمر الذي سيقضي على ظاهرة قوائم الانتظار الطويلة، ويوفر مواعيد العمليات والاستشارات الطبية بسرعة قياسية، ويؤسس القانون لمرحلة جديدة من عملية تطوير الخدمات الصحية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وتشير التوقعات إلى ان القطاع الخاص الطبي سيشهد نموا كبيرا في الطلب على الخدمات الصحية، الأمر الذي يوفر فرصا استثمارية كبرى لتوسع القطاع الخاص في إطلاق المنشآت الصحية الجديدة وضخ المزيد من الاستثمارات لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات الصحية، وهو ما سيدفع إلى تعزيز القدرة التنافسية للقطاع الطبي ورفده بالكوادر المتخصصة، مما سيوفر الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين في المنشآت الصحية بالقطاعين العام والخاص بدلا من الحصول عليها في الخارج.
وتشير دراسة صادرة عن وزارة التجارة والصناعة إلى أن القطاع الصحي شهد خلال الفترة الممتدة بين عامي 2012 و2016 تناميا ملحوظا في قيمته المضافة (الفرق بين قيمة الإنتاج ومستلزمات الإنتاج) التي ارتفعت من نحو 7.5 مليار ريال في عام 2012 إلى حوالي 11.4 مليار ريال في العام 2016، أي بنمو إجمالي بلغ 52% لكامل الفترة، الأمر الذي رفع مساهمة القطاع الصحي في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من 1% في العام 2012 إلى نحو 2.1% في العام 2016 بالأسعار الجارية.
وبحسب الدراسة ذاتها فإن القطاع الصحي شهد أيضا خلال الفترة الممتدة بين عامي 2012 و2016 نموا ملحوظا في ناتجه الحقيقي تراوحت نسبته بين 11.2% في 2012 إلى 14.5% في 2013 وصولا إلى 6.3% في 2016، حيث تعد هذه المعدلات مرتفعة، وتتجاوز في متوسطها متوسط النمو السنوي لباقي القطاعات الاقتصادية، وهو ما ترتب عليه ارتفاع مساهمة القطاع الصحي في الناتج المحلي الحقيقي من نقطة مئوية واحدة إلى نحو 1.43% في العام 2016.
ولذلك ليس تجاوزا التأكيد على أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص في القطاع الطبي ستؤدي إلى طفرة شاملة في الخدمات الصحية في قطر، وستوفر فرصا لتطوير القطاع مع إمكانية تحويل دولة قطر إلى وجهة جاذبة للسياحة العلاجية في المنطقة.