بالأرقام ..«28.3» مليار ريال إنفاق القطريين على السياحة الحلال
كتب- أكرم الفرجابي
أظهر تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي الصادر عن «دينار ستاندرد» أن إنفاق القطريين على السياحة الحلال بلغ مستوى 28.39 مليار ريال (7.8 مليار دولار) في عام 2021 وكانت بيانات مصرف قطر المركزي قد أظهرت ان إنفاق القطريين على السياحة في الخارج خلال عام 2021 بلغ مستوى 36.53 مليار ريال (10.033 مليارات دولار)، مقارنة بـ24.541 مليار ريال (6.740 مليارات دولار) في 2020. وتوزع إنفاق القطريين على السياحة الخارجية خلال 2021 على : 10.814 مليار ريال (2,970 مليار دولار) في الربع الأول، و10.841 مليار ريال (2,977 مليار دولار) في الربع الثاني، إلى جانب 8.129 مليارات ريال (2,232 مليار دولار) بالربع الثالث، و6.749 مليارات ريال (1,853 مليار دولار) في الربع الرابع.
ومن ناحية اخرى كشف التقرير ان قطر تقع ضمن الخمسة الكبار في التمويل الإسلامي عالميا، حيث يصل حجم أصول التمويل الإسلامي في قطر إلى مستوى 567.84 مليار ريال (156.4 مليار دولار ) فيما تبدو آفاق النمو واعدة.
وتقوم دينار ستاندرد، وهي شركة أبحاث واستشارات مقرها الولايات المتحدة، بدراسة توجهات الاقتصاد الإسلامي العالمي سنويا، بما في ذلك المنتجات الحلال وقطاعات أسلوب الحياة ذات الصلة.
ووفقًا للتقرير، تشير التقديرات إلى أن أصول التمويل الإسلامي في جميع أنحاء العالم قد وصلت إلى 3.6 تريليون دولار أميركي في عام 2021، ومن المتوقع أن تنمو لتصل إلى 4.9 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2025، وارتفعت الاستثمارات في الشركات ذات الصلة بالاقتصاد الإسلامي بنسبة 118 % خلال عامي 2020و2021 لتصل إلى 25.7 مليار دولار أميركي، من 11.8 مليار دولار أميركي، خلال عامي 2019و2020. وتمت تغطية حوالي 66.4% من إجمالي الاستثمارات في الشركات ذات الصلة بالاقتصاد الإسلامي من خلال معاملات التمويل الإسلامي.
واحتلت دولة قطر المرتبة الخامسة، ضمن الدول العشر الأولى، وفقا لأصول التمويل الإسلامي خلال 2020 بقيمة أصول تبلغ 156.4 مليار دولار، وبدأ قطاع التمويل الإسلامي يتعافى من آثار الجائحة، بفضل عودة الربحية للبنوك الإسلامية بعد الانخفاض في العام 2020 وإجراء العديد من الاستثمارات الكبرى وانتعاش التقنيات المالية الإسلامية وتمويل منظمة التعاون الإسلامي للشركات الناشئة.
يشار إلى أن الاندماجات بين عدد من البنوك في دولة قطر أفضت إلى تكوين وإنشاء بنوك وكيانات مصرفية إسلامية كبرى في الدولة، حيث نجحت عمليات الاندماج بين بنك بروة وبنك قطر الدولي ibq الذي نتج عنه بنك دخان خلال الفترة الماضية وبين مصرف الريان وبنك الخليج التجاري «الخليجي» مؤخرا، والذي أثمر تأسيس كيانات مصرفية في الدولة تعتبر من اكبر الكيانات الإسلامية في العالم.
و يعتبر التمويل الإسلامي محركاً رئيسياً للمنظومة الاقتصادية الشاملة برمتها، كما يعد مؤشرا على التزام القطاعين العام والخاص بالمبادئ الإسلامية، مع تفضيل عمليات التمويل والاستثمار والتأمين (التكافل) الإسلامية.
وعلى الرغم من التوقعات، كان العام الماضي أحد أهم أبرز المراحل في تاريخ التمويل الإسلامي، مع وضع معايير جديدة.
وجمعت الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر من مليار دولار أميركي من رأس المال الاستثماري في العام 2020، بينما وصلت عمليات إصدار الصكوك على المستوى العالم في النصف الأول من العام 2021 إلى مستوى قياسي بلغ 100 مليار دولار أميركي.
وأصبحت الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية أكثر شيوعا في جميع دول منظمة التعاون الإسلامي، واستثمر صندوق الحج الإندونيسي التي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار أميركي، 300 مليون دولار أميركي في فنادق بالمملكة العربية السعودية، وفي الوقت نفسه، أطلقت «نواة كابيتال»، شركة رأس المال الاستثماري التي يقع مقرها في الرياض، صندوقا بقيمة 100 مليون دولار أميركي للاستثمار في شركات التقنية الناشئة في دول منظمة التعاون الإسلامي.
في حين أن هناك معاملات مالية متنامية داخل منظمة التعاون الإسلامي، إلا أن هناك سباقا مستمرا لإنشاء بنوك إسلامية كبرى، حيث تتنافس كل من بريطانيا والخليج وآسيا على أن تكون مركز التمويل الإسلامي، وتبرز باكستان وإندونيسيا وتركيا كأسواق نمو رئيسية، مع زيادة انتشار الخدمات المصرفية الإسلامية مقابل البنوك التقليدية، ويعود الفضل في ذلك جزئيا إلى المبادرات الحكومية.
وثمة تحركات جارية أيضا لتعزيز الاستثمارات المستدامة، حيث طورت الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) إطار عمل للاستثمارات «الخضراء»، وأصدر البنك الإسلامي للتنمية صكوكا للاستدامة بقيمة 2,5 مليار دولار أميركي، وأصدرت ماليزيا أول صكوكا مقومَّة بالدولار للتمويل الإسلامي للأنشطة المستدامة في العالم، وأقر البنك الدولي بأن التمويل الإسلامي يدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
وفي الوقت نفسه، تستخدم التقنيات المالية لتحسين الشمول المالي في دول منظمة التعاون الإسلامي، فضلا عن تعزيز نشر الخدمات المالية الإسلامية في الأسواق وتوجد حوالي 241 شركة مالية إسلامية، بحجم يبلغ حوالي 49 مليار دولار أميركي في العام 2020. ومن المتوقع أن يصل حجمها إلى 128 مليار دولار أميركي بحلول العام 2025 بناء على حجم المعاملات.
وتواصل مراكز التقنيات المالية الإسلامية تطورها، مع وجود منافسة شديدة بين لندن وماليزيا والخليج. وقد جمعت تمارا وهي شركة تقنية مالية للشراء الآن والدفع لاحقا متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ومقرها الرياض، 110 ملايين دولار أميركي في جولة تمويلية بقيادة الشركة checkout.com فيما يمثل دليلا على اهتمام المستثمرين بهذا القطاع.
ويعد ذلك التمويل هو أكبر تمويل تجمعه إحدى شركات التقنيات المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما بدأ ظهور السنوات الرقمية على غرار Challenger وNeo Banks، من المملكة المتحدة إلى أستراليا، فيما تهدف شركة MY.MY الماليزية للتقنيات المالية إلى أن تكون أول بنك Challenger إسلامي مستقل ومرخص من البنك المركزي الماليزي في العالم.
ومع ذلك يتطور التكافل بشكل أبطأ من بقية القطاع، ولكنه يحظى باهتمام متزايد، بدءاً من تطوير تقنيات التكافل المالية إلى عمليات الاستحواذ وإصدار الصكوك الاجتماعية.
ووفقاً للتقرير، سجلت واردات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي من المنتجات المرتبطة بالحلال انخفاضاً حاداً بنسبة 6.5% من 299 مليار دولار أميركي في العام السابق إلى 279 مليار دولار أميركي في عام 2020.
وتمثل واردات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي أغلبية كبيرة من المنتجات الحلال المتداولة عالمياً، والتي تشمل الأطعمة والمشروبات والأزياء (الملابس والأحذية) والأدوية ومستحضرات التجميل.
وبلغت قيمة إنفاق 1.9 مليار مسلم على السياحة الحلال 102 مليار دولار أميركي في العام 2021، ومن المتوقع أن يصل هذا الإنفاق إلى 189 مليار دولار أميركي بحلول العام 2025.
وشهدت السياحة أسوأ عام لها على الإطلاق خلال 2020، حيث انخفض السفر الدولي بنسبة 75 % تقريبا واستقبلت الوجهات عدداً أقل من السياح بمقدار مليار سائح. ولكن ظهر بصيص من النور خلال هذا العام، حيث ساعدت حملات التلقيح ضد كورونا في الاقتصادات المتقدمة على انتعاش القطاع، الذي حفزه الطلب المكبوت على قضاء الإجازات.
مع ذلك، فقد تم إدراج العديد من البلدان في «القوائم الحمراء»، مما أبعد عنها السياح الأجانب، في حين أن القيود المفروضة للحد من انتشار الجانحة - من الحجر الصحي إلى جوازات السفر الصحية المرتبطة بتعاطي اللقاح - قد أثرت أيضا على السفر إلى الخارج. وتأثرت دول منظمة التعاون الإسلامي سلباً، لا سيما المناطق السياحية النشطة مثل مصر وتركيا وإندونيسيا وماليزيا. من ناحية أخرى، عوضت السياحة المحلية بعض خسائرها، حيث أطلقت الحكومات حملات لتنشيط السياحة الداخلية، فيما ساعدت حزم التحفيز الشركات على الصمود
وقد تواصلت الاستثمارات العامة والخاصة في قطاع السياحة رغم تراجع عائداته، وكان هناك انتعاش للتشاط السياحي في العام 2021.
وعلى الرغم من خسارة مليارات الدولارات من الإيرادات غير المحققة من الحج، بسبب انخفاض أعداد الحجاج والمعتمرين بشكل كبير، يستثمر صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية في بناء المنتجعات الفاخرة، وإنشاء شركة الطيران، وخط الرحلات البحرية في إطار جهوده التعزيز السياحة الترفيهية.
كما يموّل صندوق التنمية السياحي بالمملكة إنشاء مجمع بقيمة 347 مليون دولار أميركي بالقرب من المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، إضافة إلى إطلاق شركة كِدانة للتنمية والتطوير، وهي شركة بقيمة 270 مليون دولار أميركي مسؤولة عن تنمية وتطوير منطقة المشاعر المقدسة. ونظرا لتأثير الجائحة على الحج، اكتسبت برامج التواقير من أجل الحج أهمية أكبر في نيجيريا وماليزيا.
وتعمل العديد من شركات الطيران في الدول التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي على توسيع عملياتها، فيما تجتذب البنية التحتية للسياحة والنقل استثمارات كبيرة أيضا، وذلك في إشارة إلى الانتعاش المحتمل لقطاع السفر.
ومع ذلك، فقد أثرت الجائحة على الفعاليات الوطنية واسعة النطاق، بما في ذلك أولمبياد طوكيو، مما شكل ضربة وتسبب ذلك في ضربة شديدة للاقتصاد الإسلامي، خاصة لقطاع السياحة والمنتجات الغذائية الحلال، حيث كانت مطاعم المنتجات الغذائية الحلال تعتمد على ملايين السائحين من الدول الإسلامية وغيرها. ومع ذلك، اتخذت دبي قرارا جريئا باستضافة معرض إكسبو 2020 في أكتوبر 2021. وجذب هذا المعرض الزوار من جميع أنحاء العالم، ومنح قطاع السياحة دفعة كان في أمس الحاجة إليها. كما تواصل قطر إنشاء مرافق الإقامة والضيافة خلال هذه الفترة التي تسبق تنظيم كأس العالم لكرة القدم في العام 2022.
ونشطت عمليات رقمنة خدمات السفر التي تلبي متطلبات المسلمين بشكل خاص، حيث أصبح السفر بدون تلامس شائعا بشكل متزايد، ونوعت شركات السفر عروضها من أجل فتح الباب أمام تدفق الإيرادات، من التجارة عبر الإنترنت إلى خدمات توصيل الطعام.
كما كان هناك نشاط استثماري كبير يخص شركة «ترافوكا» التي تتخذ من إندونيسيا مقرا لها بالإضافة إلى مواقع Tiket.com، حيث يخطط كلاهما لإجراء عملية اكتتاب عام. وحصل موقع HalalBooking.com على تمويل بقيمة 5 ملايين دولار أميركي خلال مرحلة ما قبل سلسلة التمويل «ب» «Pre-Seris B funding» فيما جمعت شركة «فايند ماي أدفنشر» (Find My Adventure) الباكستانية الناشئة 600 ألف دولار أميركي.
وبحسب تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي فإنه رغم توقعات تعافي قطاع السياحة في العديد من دول منظمة التعاون الإسلامي، فإن هذا التعافي ليس متوقعا في بعض الدول الأخرى، حيث منيت بعدم الاستقرار السياسي إضافة إلى آثار الجانحة، كما حدث في لبنان وتونس.
ومع انفتاح العالم مرة أخرى على السياحة، من المتوقع أن تشهد المنتجعات والفنادق والمطاعم التي تلبي احتياجات المسلمين نموا كبيرا في السنوات المقبلة.