بي إن بي باريبا : جعبة موازنة قطر مليئة بالفوائض المالية الكبرى
كتب- سعيد حبيب
توقع بنك بي إن بي باريبا الفرنسي تسارع نمو الاقتصاد القطري بنسبة ٣.٣٪ في عام ٢٠٢٢ مقارنة مع مستوى بلغ ١.٦٪ بدعم من الارتفاع القياسي في أسعار النفط ومونديال ٢٠٢٢ الذي يمنح الاقتصاد دفعة قوية فضلا عن التحسن الملحوظ في البيئة التشغيلية والتصنيفات السيادية القوية التي تحظى بها الدولة وجهود تنويع الاقتصاد التي تمضي على قدم وساق.
ورجح البنك الفرنسي زيادة متوسط التضخم السنوي إلى مستوى ٤.٣٪ في عام ٢٠٢٢ مقارنة مع ٢.٣٪ في عام ٢٠٢١ غير أنه أشار إلى أن التضخم سيتراجع إلى ٣٪ بحلول عام ٢٠٢٣ مشددا على أن الاقتصاد القطري هو الأكثر توازنا على المستوى الخليجي فحتى عندما شهدت منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تباطؤا اقتصاديا ناتجا عن انخفاض أسعار الطاقة فقد كان التباطؤ الاقتصادي في قطر معتدلاً في عام ٢٠٢٠ بنسبة ٣.٦٪ مقارنة مع متوسط تباطؤ خليجي بلغ ٤.٩٪ خلال السنة ذاتها .
توقعات بتسارع نمو الاقتصاد القطري بنسبة ٣.٣٪ في ٢٠٢٢ مقارنة مع مستوى بلغ ١.٦٪ في عام ٢٠٢١
زيادة متوسط التضخم السنوي إلى ٤.٣٪ في عام ٢٠٢٢ وانخفاضه مجددا إلى ٣٪ في ٢٠٢٣
وبين تقرير صادر عن البنك أن صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال سجلت ارتفاعا بنسبة ٢٪ على أساس سنوي لتصل إلى ٤٦.٥ مليون طن متري في الربع الأول من عام ٢٠٢٢ وشهدت صادرات الغاز إلى أوروبا نموا بواقع ١.١ مليون طن وزادت التدفقات الصادرة إلى أسواق آسيا بواقع ٠.٧ مليون طن، متوقعا أن يؤدي كأس العالم ٢٠٢٢ إلى نمو القطاع غير النفطي بنسبة ٤.٥٪ فيما يتصدر قطاع الخدمات قائمة الأكثر استفادة اقتصاديا من الحدث العالمي.
وأظهر مؤشر مديري المشتريات التابع لمركز قطر للمال أن بطولة كأس العالم لكرة القدم عززت من مستوى ثقة الشركات خلال سبتمبر ٢٠٢٢، حيث ارتفع مستوى الثقة إلى أعلى مستوى له في اثني عشر شهرًا. أما بالنسبة للأسعار، فقد انخفضت أسعار الشراء بينما ارتفعت مصروفات الرواتب، مما أدى إلى ارتفاع طفيف في إجمالي أسعار مستلزمات الإنتاج. وفي الوقت ذاته، سعت الشركات القطرية إلى زيادة أرباحها من خلال رفع أسعار بيع سلعها وخدماتها بمعدل قياسي تقريبًا. وانخفض مؤشر مديري المشتريات من ٥٣.٧ نقطة في أغسطس ٢٠٢٢ إلى ٥٠.٧ نقطة في سبتمبر ٢٠٢٢، مشيرًا إلى تحسُّن طفيف في النشاط التجاري لشركات القطاع الخاص القطري غير المرتبط بالطاقة. ورغم تراجع الطلبات الجديدة، سعت الشركات القطرية إلى زيادة إنتاجها في سبتمبر ٢٠٢٢. وارتفع النشاط التجاري للشهر السابع والعشرين على التوالي.
وتوقع التقرير تحقيق قطر فوائض مالية كبيرة في موازنة ٢٠٢٢ يوازي ١٤٪ من الناتج المحلي الإجمالي وذلك على وقع الارتفاع القياسي لأسعار النفط وارتفاع الإيرادات والسيطرة الملحوظة على النفقات فيما تشير بيانات وزارة المالية إلى تضاعف فائض موازنة قطر في النصف الأول من العام الجاري (أحدث بيانات متاحة) نحو ١٢ مرة ليصل إلى مستوى بلغ ٤٧.٣ مليار ريال مقارنة مع فائض بلغ مستوى ٤ مليارات ريال خلال الفترة ذاتها من العام الماضي وبلغ إجمالي الإيرادات الفعلية المتحققة، خلال النصف الأول من العام الجاري، مستوى ١٥٠.٧ مليار ريال، توزعت على ٨٥.٧ مليار ريال في الربع الثاني، و٦٥ مليار ريال في الربع الأول، منها ٣٣.١ إيرادات غير نفطية، توزعت بواقع ٢٧.٥ مليار ريال خلال الربع الثاني من العام ٢٠٢٢ و٥.٦ مليار ريال خلال الربع الأول من العام الجاري. وقفزت إيرادات قطاع النفط والغاز بالدولة، خلال النصف الأول من العام الجاري، إلى ١١٧.٦ مليار ريال، مقارنة بـ ٧٠.٤ مليار ريال في النصف الأول من ٢٠٢١، ما يمثل زيادة بنسبة ٦٧ ٪.
ورصد بنك بي إن بي باريبا الفرنسي التحول الكبير تجاه الاستدامة في قطر ففي مارس ٢٠٢٢ أطلقت قطر للطاقة استراتيجيتَها المُحدّثة للاستدامة التي تعيدُ التأكيدَ على التزامها، كمُنتج رئيسي للطاقة، بالإنتاج المسؤول للطاقة النظيفة ذات أسعار معقولة لتسهيل الانتقال إلى طاقة مُنخفضة الكربون، وتركز الاستراتيحية على ثلاثة مجالات ذات أولوية لتحقيق رؤيتها وهي: تغير المناخ والعمل البيئي، والعمليات المسؤولة، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وبموجب الاستراتيجية فإن قطر للطاقة ستطلق مبادراتٍ متعددةً لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مثل تقنية احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) لالتقاط أكثر من ١١ مليون طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون في دولة قطر بحلول عام ٢٠٣٥. وستسمحُ المبادرات التي تم وضعها بخفض المزيد من كميات الكربون في منشآت الغاز الطبيعي المسال في قطر وبنسبة ٣٥ ٪، وفي منشآت التنقيب والإنتاج بنسبة ٢٥ ٪ على الأقل (مقارنة بالأهداف السابقة المحددة بنسبة ٢٥ ٪ و١٥ ٪ على التوالي)، وهو ما يعززُ التزام قطر بتزويد غاز طبيعي أنظف بمسؤولية وعلى نطاق واسع لتسهيل الانتقال إلى طاقة مُنخفضة الكربون.
ارتفاع منسوب ثقة شركات القطاع الخاص إلى أعلى مستوى بفعل مونديال ٢٠٢٢
قطر للطاقة تباشر تنفيذ استراتيجية للاستدامة تكرس حضورها عالميا كمنتج مسؤول للطاقة النظيفة بأسعار معقولة
كما ستواصلُ قطر للطاقة متابعةَ جهودها لتحقيق أهداف توليد أكثر من ٥ غيغاواط من الطاقة الشمسية، ووقف الحرق الروتيني للغاز والحد من انبعاثات غاز الميثان المتسربة على طول سلسلة صناعة الغاز.
ومؤخرا دشنت قطر مشروع محطة الخرسعة الكبرى للطاقة الشمسية وتشغل محطة الخرسعة مساحة تبلغ ١٠ كيلومترات مربعة وتقوم بإنتاج الكهرباء بتقنية الخلايا الكهروضوئية وينفذ المشـروع الأول من نوعه بآليـة البنـاء والتشـغيل لمـدة ٢٥ عاما، على أن يتم نقـل الأصـول إلـى المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء (كهرمـاء)، وفقـا لنظـام البنـاء والتملك والتشغيل ونقل الملكية BOOT وتبلغ تكلفة المشروع ١.٧ مليار ريال بينما تقدر السعة الكلية (الطاقة الانتاجية) لمشروع محطة الطاقة الشمسية الكبرى بنحو ٨٠٠ ميغاواط / ذروة وتمثل السعة الكلية للمحطة حوالي ١٠ ٪ من أعلى حمل كهربائي.
ويحقق المشروع حزمة من الإيجابيات أبرزها: الحصول على أسعار تنافسية لإنتاج الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز وتوفير الغاز الطبيعي المستخدم في الإنتاج التقليدي إلى جانب تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين البيئة المحيطة ويعمل المشروع بتقنية الخلايا الكهروضوئية المتحركة أحادية المحور كما يتضمن حلولا وابتكارات جديدة في تكنولوجيا الطاقة الشمسية منها: اسـتخدام الألـواح المزدوجـة، والتـي تمتـاز بتوفيـر المسـاحة كونهـا تسـتخدم كلا الوجهـين في تحويـل الإشـعاع الشمسي المباشر والمنعكس إلى طاقة كهربائية وتطبيق أحدث الأنظمة الآلية لتعقب الشمس للاستفادة القصوى من السطوع الشمسي واسـتخدام الروبوتـات في عمليـة التنظيـف المسـتمرة للألـواح الشمسـية لضمـان اسـتمرارية كفـاءة الإنتـاج، وتقليل كلفة التشغيل في المحطة علاوة على نظم وتقنيات الرصد الحي والتنبؤ في الإنتاج. ومن المقرر أن يلعب مشروع محطة الخرسعة الكبرى للطاقة الشمسية دورا كبيرا في دعم توسعة حقل الشمال حيث تعتزم «قطر للطاقة» توفير جزء كبير من احتياجات المشروع من الطاقة الكهربائية من مشروع محطة الخرسعة للطاقة الشمسية.
ويعتبر مشروع توسعة حقل الشمال أكبر مشروع للغاز الطبيعي المسال قيد الإنشاء على مستوى العالم وسيرفع طاقة دولة قطر الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال من ٧٧ مليون طن سنويا في الوقت الحاضر إلى ١١٠ ملايين طن سنوياً بحلول عام ٢٠٢٥ وإلى ١٢٦ مليون طن سنوياً بحلول العام ٢٠٢٧، فيما ستؤدي التوسعة أيضا إلى إنتاج حوالي ٤.٠٠٠ طن من الإيثان، و٢٦٣.٠٠٠ برميل من المكثفات، و١١.٠٠٠ طن من غاز البترول المسال، إضافة إلى حوالي ٢٠ طناً من الهيليوم النقي يوميا. ويحتوي مشروع توسعة حقل الشمال على منظومة لاسترجاع الغاز المتبخر أثناء الشحن وهو ما سيقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بما يقارب مليون طن مكافئ سنوياً من غاز ثاني أكسيد الكربون كما سيعمل المشروع على توفير ١٠.٧ مليون متر مكعب من المياه سنويا من خلال تدوير وإعادة استعمال ٧٥ ٪ من مياه الصرف الصناعي وكذلك سيتم تقليل انبعاثات أكاسيد النيتروجين بنسبة ٤٠ ٪ من خلال تطبيق تقنية Dry
Low NOx المحسنة
.
وتتوسع قطر للطاقة في مجال الطاقة الشمسية المتجددة حيث أرست في أغسطس ٢٠٢٢، عقد أعمال الهندسة والتوريد والإنشاء لمشروع الطاقة الشمسية في مدنها الصناعية، ويتضمن هذا المشروع محطتين ضخمتين للطاقة الشمسية الكهروضوئية سيتم بناؤهما في مدينة مسيعيد الصناعية ومدينة راس لفان الصناعية باستثمارات تبلغ ٢.٣ مليار ريال، ومن المتوقع أن يبدأ إنتاج الكهرباء من المشروع بحلول نهاية عام ٢٠٢٤.
وسيسهم مشروع محطات الطاقة الشمسية في المدن الصناعية في زيادة قدرة توليد الطاقة المتجددة في قطر إلى ١.٦٧٥ غيغاواط بحلول عام ٢٠٢٤، وسيستخدم المشروع ألواحا ثنائية الوجه ذات كفاءة عالية مثبتة على أجهزة تتبع أحادية المحور، بالإضافة إلى روبوتات التنظيف التي ستعمل يوميا من أجل الحد من الخسائر في التوليد بسبب التلوث عن طريق إزالة الغبار من الوحدات الكهروضوئية، مما سيؤدي إلى زيادة إنتاجية الطاقة الإضافية التي تنتجها الوحدات ثنائية الوجه.
وسيتم توزيع الطاقة المولدة من المشروع بشكل استراتيجي بين المدينتين، حيث تبلغ قدرة توليد الطاقة الكهربائية في مسيعيد ٤١٧ ميغاواط، بينما تبلغ قدرة توليد الطاقة الكهربائية في راس لفان ٤٥٨ ميغاواط، وسيتم بناء المحطتين على أرض تبلغ مساحتها الإجمالية ١٠ كيلومترات مربعة
.