تصنيفات قطر الائتمانية.. أكثر قوة
كتب- سعيد حبيب
بالتزامن مع مونديال ٢٠٢٢ رفعت وكالتا التصنيف الائتماني العالميتان الأبرز عالميا موديز وستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني والنظـــرة المســــتقبلية لدولة قطر وهو ما يعكس مدى التأثير الكبير للمونديال على الاقتصاد الوطني حيث رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية النظرة المستقبلية لدولة قطر من مستقرة إلى إيجابية فيما أكدت التصنيف الائتماني السيادي عند مستوى Aa٣ أما وكالة ستاندرد آند بورز «S&P» للتصنيف الائتماني العالمية فقد رفعت تصنيف دولة قطر الائتماني إلى AA مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقالت موديز إن مونديال ٢٠٢٢ وارتفاع أسعار النفط وتحسن البيئة التشغيلية كلها عوامل ستنعكس إيجابا على الموازنة العامة لقطر، والتي شهدت ارتفاعا بواقع ١٢ ضعفا خلال النصف الأول من العام الجاري، وهي أحدث بيانات متاحة، ليصل الفائض إلى مستوى بلغ ٤٧.٣ مليار ريال مقارنة مع فائض بلغ مستوى ٤ مليارات ريال خلال الفترة ذاتها من العام الماضي نتيجـة للسـيطرة الملحوظة علـى النفقـات وارتفـاع الإيـرادات وانتعاش أسعار النفط.
وقالت موديز إن رفع النظرة المستقبلية إلى دولة قطر إلى درجة «إيجابية» يعكس بشكل كبير الفرص الواعدة لنمو الاقتصاد القطري وخصوصا أن التقديرات تشير إلى تحقيق فائض في الموازنة يوازي ٩.٥ ٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام ٢٠٢٢ بناءً على افتراض متوسط سعري للنفط يبلغ ١٠٠ دولار للبرميل هذا العام. لافتة إلى أن هناك حزمة من العوامل تعزز الآفاق المستقبلية للاقتصاد القطري وهي: حصة الفرد المرتفعة من الناتج المحلي الإجمالي واحتياطيات الغاز الهائلة مع انخفاض تكلفة استخراجه والأصول السيادية المتراكمة للدولة من خلال جهاز قطر للاستثمار (صندوق الثروة السيادية) والذي يمتلك أيقونات استثمارية تتوزع في جميع قارات العالم فضلا عن فعالية الاقتصاد الكلي والسياسة الاقتصادية المحفزة للاستثمار.
وعلى مستوى الآفاق طويلة الأجل تتوقع موديز أن يستفيد الأداء المالي لدولة قطر من خفض الإنفاق حيث تم الانتهاء حاليا من معظم مشاريع البنية التحتية الرئيسية المتعلقة بكأس العالم لكرة القدم ٢٠٢٢. فعلى مدى السنوات العشر الماضية، أنفقت الدولة حوالي ٢٠ مليار دولار سنويًا لتطوير وتحديث البنية التحتية وبالتالي فإنه وخلال السنوات القادمة ستشهد قطر انخفاضا كبيرا في الإنفاق بعد انتهاء مونديال ٢٠٢٢ وبالتزامن مع ذلك فإن أسعار الطاقة والطلب على الغاز في مسار مرتفع مما يعزز توقعات النمو الاقتصادي القوي خلال السنوات الخمس المقبلة فضلا عن زيادة قدرة الدولة على لجم المخاطر الاقتصادية والمالية المحتملة.
ونوهت موديز إلى أن مشروع توسعة حقل الشمال الذي تباشر قطر غاز تنفيذه بالنيابة عن قطر للطاقة سينعكس إيجابا على الإيرادات الحكومية على المدى الطويل مع تحقيق طفرة كبرى في إنتاج صادرات ومكثفات الغاز الطبيعي ويتكون حقل الشمال من مرحلتين «حتى الآن»، الأولى حقل الشمال الشرقي وتستهدف زيادة دولة قطر الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال من ٧٧ مليون طن سنويا إلى ١١٠ ملايين طن سنويا بحلول عام ٢٠٢٦، كما سينتج المشروع كميات كبيرة من المكثفات، وغاز البترول المسال، والإيثان، والكبريت، والهيليوم ليصل إجمالي الإنتاج ١.٤ مليون برميل نفط مكافئ يوميا. أما المرحلة الثانية فتشمل زيادة إنتاج الغاز من القطاع الجنوبي لحقل الشمال والتي ستزيد الطاقة الإنتاجية للغاز من ١١٠ ملايين طن سنويا إلى ١٢٦ مليون طن سنويا. ويتوقع بدء الإنتاج من مشروع القطاع الجنوبي (المرحلة الثانية) في عام ٢٠٢٧، حيث سيتضمن المشروع بناء خطي إنتاج عملاقين إضافيين (بسعة ٨ ملايين طن سنويا لكل منهما)، بالإضافة إلى المرافق البحرية والبرية المرتبطة بهما.
وبدورها توقعت وكالة ستاندرد آند بورز«S&P» للتصنيف الائتماني العالمية تحقيق قطر نموا اقتصاديا قياسيا بواقع ٥ ٪ خلال عام ٢٠٢٢ بدعم من مونديال كأس العالم الذي يمثل دفعة اقتصادية كبرى مع تحقيق الدولة لفائض مالي يوازي ١٣ ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام ٢٠٢٢ و٦ ٪ من الناتج في عام ٢٠٢٣ مشيرة إلى أن أسعار النفط المرتفعة التي تدور حاليا فوق مستوى ٩٥ دولارا للبرميل تمثل محفزا للنمو الاقتصادي فيما يبلغ متوسطها السعري منذ بداية العام الجاري مستوى ١٠٠ دولار للبرميل.
ورجحت الوكالة بلوغ متوسط معدل التضخم في قطر ٥.٥ ٪ خلال العام الجاري. وفي مطلع نوفمبر الجاري رفع مصرف قطر المركزي سعر فائدة الإيداع بمقدار ٧٥ نقطة أساس ليصبح ٤.٥ ٪، ورفع سعر فائدة المصرف للإقراض بمقدار ٥٠ نقطة أساس ليصبح ٥ ٪، ورفع سعر إعادة الشراء بمقدار ٧٥ نقطة أساس ليصبح ٤.٧٥ ٪ وذلك لكبح جماح التضخم حيث يعتبر رفع الفائدة أحد أبرز أدوات السياسة النقدية لمكافحة التضخم كما أن «المركزي» يواكب تحركات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تلبية لاستحقاقات ارتباط الريال القطري بالدولار الأميركي.
وأشارت ستاندرد آند بورز إلى أن الحساب الجاري لدولة قطر سيحقق فائضا قويا للغاية خلال عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٣، مدعومًا بارتفاع أسعار صادرات الغاز متوقعة تسجيل أسعار النفط متوسطا سعريا يبلغ ٨٥ دولارا في عام ٢٠٢٣ ومنوهة إلى أن الأصول السيادية الكبرى المتراكمة التي تحظى بها قطر من خلال صندوق الثروة السيادية «جهاز قطر للاستثمار» تحفز من التصنيفات السيادية الائتمانية القوية وتعزز من المركز المالي للدولة.
ويبلغ حجم أصول جهاز قطر للاستثمار مستوى ٤٥٠ مليار دولار ما يوازي ١٩٩ ٪ من الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر، وبحسب أحدث بيانات معهد صناديق الثروات السيادية فإن حجم أصول جهاز قطر للاستثمار يبلغ مستوى يبلغ ٤٥٠ مليار دولار (١.٦٣ تريليون ريال قطري) محتلا المركز التاسع في قائمة أكبر الصناديق السيادية عالميا، ويمتلك جهاز قطر للاستثمار حصصاً في أيقونات استثمارية عالمية أبرزها: البنك الزراعي الصيني وباركليز وهارودز وناطحة السحاب شارد في لندن وحصــة ١٧ ٪ في شركة فولكس فاغن الألمانية للسيارات وحصة تبلغ ٩ ٪ في شركة جلينكور البريطانية السويسرية لتجارة السلع الأولية والتعدين، كما يملك الجهاز أكثر من ٦ ٪ من أسهم بنك باركليـــز، و٢٢ ٪ من شركة سينسبري.
وقد افتتح جهاز قطر للاستثمار مكتبا في نيويورك عام ٢٠١٥ لاستثمار ٣٥ مليار دولار بالولايات المتحدة، واستحوذ الجهاز على نحو ١٠ ٪ من شركة «إمباير استيت ريالتي تراست» المالكة لمبنى «إمباير استيت» الشهير في عام ٢٠١٦، فضلاً عن «ميراماكس» و«روسنفت»، ويملك الجهاز ٨.٣ ٪ في شركة «بروكفيلد بروبيرتي» وحصـــة ٤.٦ ٪ من شركة النفط العالمية رويال داتش شل و٨ ٪ من «كريدي سويس»، إلى جانب «غروفنر هاوس» وحصة في كل من بنك أوف أميركا وتوتال وشركة المجوهرات الأميركية «تيفاني».. ووفقاً للبيانات المعلنة، فإن بريطانيا تستحوذ على الحصة الكبرى من إجمالي استثمارات قطر الخارجية، حيث تمتلك الدولة حصة في مصرف باركليز وبرج شارد في لندن وهو أعلى ناطحة سحاب في أوروبا، و٢٠ ٪ من الشركة المالكة لمطار هيثرو لندن.
كما تستثمر قطر نحو ٧٠٠ مليون دولار في مشروع واشنطن دي سي التابع لشركة الديار القطرية، ومتجـــر هارودز البريطــاني، و٢٦ ٪ من متاجر ماركس آند سبنسر البريطانية.
وتستثمر قطر أيضاً نحو ٥ مليارات دولار في بورصة الصين، وتمتلك نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، ومبنى نيو في باريس، وتستثمر أيضا في فنادق غروفنر هاوس في لندن وفندق بلازا ودريم تاون في نيويورك، فضلا عن حزمة استثمارات أخرى تابعة لكل من كتارا للضيافة والديار القطرية حول العالم.