في قطر..استثمارات مليارية بالطاقة الكهربائية
إعداد- نورهان عباس:
سلط تقرير مؤسسة فينشرز أون سايت العالمي الضوء على الإنجازات الكبيرة، التي تحققها قطر في قطاع الطاقة الشمسية، حيث دخلت ذلك المجال بكل قوتها قبل نحو 10 سنوات، وتتوقع البلاد أن تشكل الطاقة الشمسية المولدة محلياً جزءا رئيسياً فيها لتلبية الحاجة المتزايدة على الكهرباء بحلول عام 2022، حينما تستضيف البلاد بطولة كأس العالم لكرة القدم، حيث سيتضاعف معدل استهلاك الفنادق والملاعب والمترو وغيرها من المشروعات المعتمدة على الكهرباء أضعاف الاستهلاك الحالي في البلاد.
الى الجانب الآخر، أوضح التقرير أبرز توقعات قطاع الطاقة في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومجلس التعاون الخليجي، مؤكداً أن الطاقة النظيفة ستحتل صدارة المشهد في مشروعات المستقبل في تلك المناطق، موضحاً أهم المحددات التي ستدفع بقاطرة تلك المشاريع
تطورات متسارعة
وقال التقرير في توقعاته المبشرة لقطر، إن مستقبل الطاقة الشمسية في البلاد يتطور بشكل متسارع وهو ما دفع الحكومة القطرية إلى وضع هدف طموح يرفع من مساهمة الطاقة المتجددة بنسبة 2% في مزيج الطاقة الوطنية بحلول عام 2022، وذلك وفق الإحصاءات والبيانات الرسمية، التي قدمتها المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء (كهرماء) في خطتها الخمسية الأخيرة.
وأضاف التقرير: "قطر تسير على الطريق الصحيح نحو التحول إلى مركز إقليمي للطاقة الشمسية. ومؤخراً، وضعت كهرماء على رأس أولوياتها توليد طاقة شمسية بقدرة 200 ميجاوات في 60 موقعا في جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2020، حيث سيتم إنشاء محطة قطرية عملاقة للطاقة الشمسية بإمكانها توليد 200 ميجا وات من الطاقة الشمسية في المرحلة الأولى لإطلاقها، وهي أحد الأهداف الاستراتيجية أيضاً، التي تركز عليها خطة قطر الوطنية 2030، والتي تؤسس لفكرة اعتماد البلاد على الطاقة النظيفة والمتجددة كبديل آمن ورخيص للهيدروكربونات، التي تحقق البلاد أرباحاً هائلة من تصديرها للخارج".
وفي هذا السياق خصصت الدولة قاعدة رأسمال تبلغ 500 مليون دولار، بهدف الانتهاء من المحطة الشمسية العملاقة، ومن المتوقع الانتهاء من المشروع بالكامل في نهاية عام 2020، كما يتوقع زيادة الإنتاج إلى 500 ميجا وات من الطاقة الشمسية في المرحلة الثانية.
نمو متواصل
وبسبب تنظيم قطر لبطولة كأس العالم 2022، تسعى دولة قطر لضمان وجود ما يكفي من الطاقة لتلبية الطلب الهائل في الكهرباء بحلول ذلك الوقت، ولتزويد الفنادق، والملاعب، والمراكز الإعلامية، ومنشأت الاتصالات، ومرافق تكنولوجيا المعلومات كذلك بالطاقة، إضافة إلى تلبية احتياجات الزيادة المتوقعة في عدد السكان. وبالتالي، من المنتظر أن يتطلب الحدث كمية هائلة من الطاقة، التي يجب توليدها من أكثر من مصدر.
وتسخر دولة قطر مجموعة من الاستثمارات الذكية في توليد كل من الطاقة الدائمة والمؤقتة، وذلك باستخدام مزيج من النفط والغاز والطاقة المتجددة. ومن المرجح أن يكون كأس العالم فيفا 2022 أول حدث كروي متكامل من نوعه يدار بشبكة الطاقة الذكية في البلاد.
وفي هذا الصدد، تقدر الشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب) الاستثمارات القطرية في قطاع الطاقة الكهربائية بحوالي 9 مليارات دولار أميركي لتقوية مفاصل قطاع الطاقة في البلاد، ومن المتوقع إنفاق ذلك المبلغ لإضافة 4.2 جيجاوات، وتلبية الطلب المتزايد للبلاد على المدى المتوسط.
ويشير تقرير فينشرز أون سايت، إلى أن مبلغ الـ9 مليارات دولار يتألف من قسمين، الأول: ويبلغ نحو 6 مليارات دولا أميركي، يتم إنفاقها مشروعات توليد الكهرباء بمختلف أنواعها، ولا سيما مشروعات الطاقة المتجددة. أما الثاني ويصل إلى ما يزيد قليلاً عن 3 مليارات دولار، فيتم إنفاقها على مشروعات نقل الكهرباء، كما سيكون مشروع توسعة نظام نقل الطاقة مشروعاً عالمياً عملاقا، حسب تأكيد التقرير.
قدرات إنتاجية
وخلال الفترة الأخيرة، أكملت كهرماء المرحلة الأولى من تركيب العدادات الذكية في المنازل بعد تركيب عدد كبير منها يصل إلى نحو 17 ألف عداد من عدادات الكهرباء، التي تعد واحدة من الاكثر تطوراً في العالم، كما أطلقت المؤسسة العامة للكهرباء والماء القطرية بالفعل المرحلة الثانية لتركيب العدادات الزكية في باقي المباني، التي لم تلحق بالمرحلة الأولى، في الفترة من عام 2018 إلى عام 2024.
وبحلول عام 2024، من المنتظر أن تكون كل العدادات الكهربائية في البلاد ذكية ويمكن قراءتها والتحكم فيها عن بعد. أيضاً، وقد تمكنت المؤسسة العامة للكهرباء والماء القطرية من توفير مبلغ ضخم للدولة يقدر بنحو ملياري دولار أميركي (ما يعادل 7.8 مليار ريال قطري) بين عامي 2016 و2018، وذلك بعد اعتماد خطة لإعادة هندسة المشاريع التي نفذتها، وبدون التأثير على جودة هذه المشاريع أو الأهداف المرجوة منها.
عدد المحطات
ووفق تقرير مؤسسة فينشرز أون سايت العالمي فإنه من حيث النطاق العددي، تشير التوقعات إلى زيادة عدد محطات نقل الكهرباء الرئيسية في قطر بنحو 430 محطة في عام 2024. وخلال العام الماضي، بلغ عدد محطات التوزيع، التي توفر الكهرباء للمنازل مباشرة نحو 16210 محطات مقارنة بـ12514 فقط قبل خمس سنوات، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد ليصل إلى 20461 محطة توزيع بحلول عام 2024.
وفي شهر أبريل 2018، وقعت كهرماء مع مؤسستي جي أي باور وبي أو سي اتفاقية التعاون المشترك من أجل كفاءة الطاقة وتوفير الوقود.
ومن المتوقع، أن تستكشف المؤسسات الثلاثة –كهرماء، وجي أي باور، وبي أو سي- طرقاً لزيادة الكفاءة والمرونة وتوفير الوقود في قطاع الطاقة في قطر، خلال فترة تصل إلى 5 سنوات من الآن، وذلك باستخدام أحدث التقنيات في قطاع توليد الطاقة، وتعزيز أداء المنشآت الحالية، إضافة إلى دعم خطط كهرماء المستقبلية.
ويقدر تقرير فينشرز أون سايت زيادة حجم المبالغ، التي يتم رصدها لتطوير المباني ذات الصلة بقطاع الطاقة في قطر –بشكل هائل- من 24 مليون دولار في عام 2018، إلى 3.5 مليار دولار أميركي في عام 2019 مما يجعل العام الحالي عاماً مبشراً للغاية في قطاع الطاقة.
الشرق الأوسط
يشهد الطلب على الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نمواً سريعاً بسبب زيادة الأنشطة في المنطقة، خاصة في القطاعات الصناعية والبناء التشييد، التي تحتاج كلاً منها لكم هائل من الطاقة الكهربائية لإنجاز الأعمال المطلوبة.
ويؤكد تقرير فينشرز أون سايت العالمي، أنه اعتبارًا من 29 سبتمبر 2018، فقد بلغت القيمة الإجمالية لمشروعات الطاقة الكهربائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 6.2 مليار دولار، وذلك حسب تقديرات الشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب) مع توقعات بزيادة هذا الرقم بصورة متسارعة في الفترة بين عامي 2018 و2022.
ومن المتوقع أيضاً، أن تتوسع قدرات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعدل 6.4 في المائة سنوياً، أي ما يعادل قدرة إضافية تبلغ 117 جيجاوات لتلبية الزيادة في الطلب في جميع أنحاء المنطقة.
و من المحتمل أن تتطلب المشروعات المستقبلية في المنطقة مبلغ يصل إلى 152 مليار دولار من الاستثمارات، يتم ضخها في مشروعات زيادة طاقة التوليد و108 مليارات دولار إضافية لمشروعات نقل الطاقة والتوزيع.
وتقوم حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتوسيع خطط الاستثمار الخاصة بها في الفترة الحالية. وتكشف تقديرات أبيكورب أن هناك 91 جيجاوات من إضافات توليد الطاقة دخلت فعلاً في حيز التنفيذ.
وبشكل عام، تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى استثمار 260 مليار دولار في قطاع الطاقة في الفترة من 2018 إلى 2022.
وسيقع الثقل الأكبر في تلك المشروعات على العراق، حيث يتوجب عليه أن يستثمر 39 مليار دولار كاملة، لإضافة قدرة تصل إلى نحو 12 جيجاوات من الكهرباء بحلول عام 2022، حيث تحتاج البلاد بشكل ماس للترقية والاستثمار في البنية التحتية للطاقة في البلاد، بعد أن عانت من تدهور البنية التحتية الضخمة وضررها بشكل بالغ على مدى السنوات الماضية.
الطاقة النظيفة
ومن المتوقع أيضاً، أن تستمر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في خططها النووية السلمية، بسبب الزيادة على طلب الكهرباء. وتتوقع المنطقة أن تستثمر ما مجموعه 76 مليار دولار في مجال الطاقة النووية السلمية بحلول عام 2030، على الرغم من أن غالبية هذه المشاريع لا تزال في مرحلة التخطيط فقط، وفقاً لأبيكورب.
وفي الوقت الحالي، تعمل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل متزايد على تحويل تركيزها نحو الطاقة المتجددة، وبصفة خاصة الطاقة الشمسية وموارد الرياح، وذلك كوسيلة لتنويع مزيج توليد الطاقة.
ويلفت تقرير فينشرز أون سايت، إلى أن المنطقة لديها سوق جذابة للطاقة المتجددة بسبب توافر موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الوفيرة، إضافة إلى تطلعات الطاقة النووية.
ووفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، تتأمل المنطقة أن تصل حجم الاستثمارات في مشروعات الطاقة المتجددة إلى 35 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020.
وأدى انخفاض أسعار الطاقة الشمسية، إلى تشجيع صانعي السياسات والهيئات التنظيمية وقادة الصناعة لاتخاذ عدد الخطوات لزيادة، وتسريع استخدام الطاقة الشمسية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط.
وفي الآونة الأخيرة، وفرت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعض من أقل أسعار الطاقة المتجددة، وكانت من المناطق النامية بقوة على الصعيد العالمي للطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح، وفقا لخبراء الصناعة.
وتبقى احتمالات الطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إيجابية، حيث يوجد مشاريع الطاقة الشمسية مرتقبة تولد أكثر من 12 جيجاوات، وذلك وفقا لبيانات جمعية الشرق الأوسط لصناعة الطاقة الشمسية (ميسيا).
ومن بين بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ظهر المغرب كنموذج يحتذى به للمنطقة، مع هدف الحكومة المغربية الطموح المتمثل في إنتاج 2 جيجاوات من الطاقة الشمسية و2 جيجاوات من طاقة الرياح بحلول عام 2020.
نظرة مستقبلية:
ويختتم تقرير فينشرز أون سايت مؤكداً أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسير على طريق النمو، مدفوعة إلى حد كبير بقوتها في أنشطة البناء، مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على الطاقة.
على الجانب الآخر، سيحتاج مجلس التعاون الخليجي إلى إضافة مشروعات بقدرة 100 جيجاوات إضافية على مدى السنوات الـ 10 المقبلة لتلبية الطلب.
علاوة على ذلك، تكتسب أنظمة دمج الطاقة في أسواق في دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا -على نطاق أوسع- زخماً أكبر خلال تلك الفترة، ومن المتوقع أن يقدم هذا الدمج عدداً كبيراً من الفوائد لقطر والمنطقة على حد سواء.
وأثبتت الطاقة المتجددة بشكل كبير أنها خيار مربح وسيستمر في جذب حصة متزايدة من الاستثمار في مشروعات الكهرباء الجديدة والقدرة على توليد الطاقة، لأنها تشكل مصدر الطاقة الأسرع نموا لتوليد الطاقة.
وأصبحت المشروعات العملاقة لمحطات الطاقة الشمسية خيارا مفضلا في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط ودول مجلس التعاون الخليجي.
واختتم تقرير مؤسسة فينشرز أون سايت العالمي قائلا إنه "مع استمرار ارتفاع الطلب على الكهرباء في كل من دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط، تحاول الحكومات تركيز الاستثمارات في قطاع الطاقة والنظر لها كأولوية. ويختتم التقرير متوقعاً تسجيل نمو قوي لمشروعات الطاقة في المنطقة خلال السنوات المقبلة مع وجود عدد كبير من الفرص المتاحة لكل من المستثمرين والمطورين على حد سواء".