نايت فرانك : قطر ثاني أهم شركاء مبادرة الحزام والطريق في قارة آسيا
إعداد- أمنية الصناديلي:
اعتبرت مؤسسة "نايت فرانك" العالمية للأبحاث والاستشارات العقارية، أن دولة قطر ستكون أحد أبرز وجهات الاستثمار الصينية باعتبارها ثاني أهم محاور مبادرة الحزام والطريق، في قارة آسيا بعد سنغافورة.
وتمثل مبادرة الحزام والطريق والتي تضم 69 دولة استراتيجية تنموية لإعادة إحياء طريق الحرير القديم طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ تتمحور حول بناء شبكات التجارة والاستثمار والبنية التحتية التى تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا وتتضمن المبادرة نحو 1000 مشروع تشمل قطاعات البنية التحتية والموانئ والخدمات اللوجستية والطاقة والنفط والتكنولوجيا والتشييد والبناء والخدمات
ولفت تقرير مؤسسة "نايت فرانك" إلى أن قطر تأتي في المركز الثاني مباشرة في قائمة أهم شركاء مبادرة الحزام والطريق بعد سنغافورة حيث يرتفع تقييمها بسبب المستوى المتطور للبنية التحتية هناك بالإضافة إلى الإمكانات الاقتصادية التي سجلت 60.1 في المائة وأيضا القدرة على مواجهة الكوارث الطبيعية حيث سجلت البلاد أعلى تقييم في هذا المعيار بنحو 100 في المائة.
وتعد قطر واحدة من الدول التي دعمت المبادرة بمجرد طرحها من قبل الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013، حيث أكدت وقتها إن المبادرة تنعكس ايجابا على الصين ودول آسيا والعالم أجمع وكانت من أوائل الدول التي وقعت اتفاقية تعاون للمشاركة في المبادرة، ودخلت قطر في الآليات التي تؤسس للمبادرة مثل المشاركة في تأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB والذي يعتبر ذراع مهمة لتمويل المشاريع على طول خط الحزام، كذلك وقعت قطر ممثلة في مصرف قطر المركزي مذكرة تفاهم وإتفاقية مبادلة مع البنك الشعبي الصيني، تنص على التفاهم على وضع إطار العمل اللازم لإنشاء مركز متخصص في مقاصة وتسوية عملة اليوان الصيني (الرنمينبي) في الدوحة.
وأشار التقرير إلى أن مبادرة الحزام والطريق تشمل 69 دولة وتم تصنيف الشركاء بالمبادرة وفقا لـ 6 فئات هي؛ الإمكانيات الاقتصادية والميزات السكانية (الديموغرافية)، ومدى تطور البنية التحتية، والفعالية المؤسسة، والوصول إلى الأسواق، والقدرة على مواجهة الكوارث الطبيعية، وهي الفئات الأكثر أهمية بالنسبة لقرارات الاستثمار في أي مشروع ضخم.
وأطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق (BRI) في عام 2013، بهدف إحياء طريق الحرير العظيم وتوفير منصة جديدة للتعاون لإنشاء طرق تجارية جديدة ووصلات اقتصادية وشبكات تجارية. وحددت الصين ستة ممرات اقتصادية من الصين إلى وسط وجنوب آسيا والشرق الأوسط وأوروبا (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير) وعلى طول الطريق البحري من جنوب شرق آسيا وأوقيانوسيا إلى الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا.
وتشمل المبادرة 69 دولة تضم نحو 60 في المائة من سكان العالم، و40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كما تتضمن المبادرة مجموعة من الصفقات التجارية المتداخلة ومشاريع البنية التحتية والتي من المفترض أن تكون ذات فائدة متبادلة لبلدان المبادرة والصين. وحيث أن أحد أهداف المبادرة هو زيادة تحفيز النمو الاقتصادي الصيني، فإن التوسع في الطلب بالخارج سيكون أمر حاسم حيث سيفتح المشروع أسواق جديدة للسلع والخدمات الصينية، مما يدعم اقتصاد البلاد ضد أي تباطؤ محتمل في الطلب المحلي.
وأكد التقرير أن منطقة الشرق الأوسط تلعب دورا حيويا في مخطط مبادرة الحزام والطريق وإن التصنيفات تعكس كلا من الإمكانيات والتحديات بالمنطقة، فعلى مدى العقود الأخيرة كانت منطقة الشرق الأوسط واحدة من المزودين الرئيسيين للسلع والموارد الطبيعية للصين، إلى جانب وصولها الحيوي إلى إفريقيا وأوروبا عبر قناة السويس والفرص التجارية المرافقة لها.
وفي الوقت نفسه تتطلع العديد من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي إلى تحويل اقتصاداتها لتقليل الاعتماد المفرط على النفط والغاز، وهذا يوفر آفاقا جديدة للمستثمرين الصينيين، وخاصة في قطاعات العقارات والتكنولوجيا المتطورة والطاقة، أيضا فإن الاستقرار السياسي وندرة الكوارث الطبيعية نقاط إضافية تصب في صالح العلاقات التجارية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، بشكل عام وقطر على وجه الخصوص.
ووفق نايت فرانك فإن الدول المشاركة في المبادرة تباشر تحديث بنيتها التحتية مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات وخطوط الأنابيب والبنية للتكنولوجيا. وبالإضافة إلى الاستثمار في البينة التحتية فإن زيادة الوصول لبعض الأسواق الأقل تقدما سيؤدي إلى زيادة الفرص التجارية، مما يساعد على تكامل هذه الدول مع الاقتصاد العالمي الأوسع.
ويأتي التمويل لهذه المبادرة الواسعة عبر عدة طرق بما في ذلك مصادر متعددة الأطراف مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB وصندوق طريق الحرير، بالإضافة إلى مخصصات من البنوك الحكومية الصينية
وقدرت وكالة التصنيف الائتماني العالمية "فيتش" حجم تمويل مشاريع البنية التحتية التي تم التعهد بها للمبادرة بنحو 900 مليار دولار، تشمل ميناء جوادر في باكستان، وخطوط السكك الحديدية من كونمينج إلى سنغافورة، وميناء خورغوس الجاف بين الصين وكازاخستان، بالإضافة إلى قطارات الشحن الجديدة من الصين إلى طهران ولندن.
وأوضح تقرير نايت فرانك أن تأكيد الصين على التزامها بمبادرة الحزام والطريق في المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي في بكين، هو الأمر الذي أدى إلى تجديد التركيز على الفرص المتاحة في هذه الأسواق، وبالإضافة إلى البنية التحتية، ازداد نشاط الاندماج والاستحواذ من الصين في أسواق المبادرة بشكل ملحوظ منذ 2013، إلى جانب إبرام صفقات بأكثر من 33 مليار دولار من يناير إلى أغسطس 2017، بزيادة 136 في المائة قياسا على الفترة ذاتها من العام 2016. وشملت القطاعات الرئيسية المستهدفة كل من الصناعات واللوجستيات والطاقة والبيع بالتجزئة.
وتعتبر سنغافورة، مع أساسياتها القوية في مجال النقل والخدمات اللوجستية والتمويل، أحد أبرز الأطراف في خطة تطوير مبادرة الحزام والطريق ، حيث تحتل سنغافورة موقع استراتيجي عند مفترق الطرق بين الشرق والغرب، وعلى طول طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، ويمكنها توسيع دورها كمركز عالمي للنقل والإمداد على طول الممر. وتستقبل البلد حوالي 2700 سفينة يوميا و6800 رحلة طيران أسبوعيا مما يعزز موقعها العالمي كمركز بحري رئيسي ، كما أنها تحوي أحد أكثر مطارات العالم ازدحاما وأحد أكبر مراكز النقل الجوي في جنوب شرق آسيا.
ومع ذلك فإن هناك مشاريع بنية تحتية ضخمة من الممكن أن تهدد مكانة سنغافورة مثل قناة كرا اسثموس التي تحلم بها الصين، لكن يبقى المشروع في صدارة أولويات سنغافورة التي تعد مركزا ماليا إقليميا وأحد أكبر مراكز الرنمينبي في الخارج.
وبحسب التقرير فإن سجل سنغافورة القوي في تمويل المشاريع مع أنظمتها التأمينية الواسعة وخبرتها القانونية، يضعاها باعتبارها مركز للعديد من الفرص التجارية في المبادرة. خصوصا أن نحو 60 في المائة من مشاريع البنية التحتية للآسيان يتم تمويلها بشكل رئيسي من بنوك سنغافورة، وثمة 6500 شركة صينية هناك، وهو ما يعد ضعف عدد الشركات الذي كان موجودا في البلاد قبل 5 أعوام. ففي السنوات الأخيرة تبنت سنغافورة العديد من السياسات المشابهة لسياسات واستراتيجيات المشروع لضمان الوصول للأسواق الصينية.
وتشجع الطبيعة الشاملة لمبادرة الحزام والطريق مزيدا من الدول على الانضمام إليها حتى لو لم تكن هناك اتفاقات تعاون رسمية، ، وذكر التقرير أن الحوار المتنامي بين هذه الدول –بما في ذلك المملكة المتحدة وأستراليا وألمانيا- والصين يظهر أن عدد أسواق المبادرة ستنمو على الأرجح على مدى السنوات القادمة.
ويرصد التقرير عدد الدول غير المشاركة في المبادرة والتي يتوقع لها أن تنضم ويأتي في مقدمتها سويسرا وأستراليا والمملكة المتحدة وألمانيا وفنلندا.
وأخيراً، أوضح التقرير إن تقييم الفرص حول مشروع بهذا الحجم الهائل يشكل تحديا كبيرا لكن يبقى الشيء المؤكد هو إن المبادرة تلك، طويلة الأجل وستنفذ على مدى عقود وليس سنوات.