سوق البناء القطري ضمن الكبار خليجيا
كتب- محمد سيد:
أظهر تقرير صادر عن شركتا الاستشارات التجارية الدولية "إنترسك" و"فينتشرز أو سايت" أن سوق البناء والتشييد القطري حل ضمن قائمة أكبر وأنشطة ثلاثة أسواق على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يشير إلى الاستقرار الكبير للقطاع العقاري في قطر، وأنه قادر على الاستمرار ومواجهة ظروف الحصار الجائر خصوصا أن المشاريع والرئيسية التي تنفذها الحكومة والقطاع الخاص في مختلف المناطق القطرية، ما زالت تدفع بقطاع البناء والتشييد لتحقيق مزيد من النمو، وبحسب التقديرات فإنه من المتوقع ان يحقق قطاع البناء والتشييد القطري معدل نمو سنوي يبلغ 8 في المائة في 2019 في الوقت الذي راكم فيه خلال السنوات الماضية نمواً سنوياً مركباً بنسبة 15 في المائة، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 2012 إلى 2017.
ونوه التقرير إلى أن الأداء الحكومي لعب دوراً أساسياً في تحفيز قطاع البناء والتشييد القطري من خلال إطلاق جملة من المبادرات الاقتصادية المحفزة لقطاعاته المحلية، وتحفيزها للانفتاح على الأسواق الخارجية وبناء شراكات عابرة للجغرافيا، في ترجمة مباشرة لرؤية القيادة الرشيدة التي وضعت الاقتصاد القطري في مكانة قوية ومتينة، تدعمها سياسة نقدية حكيمة مكنت قطر من الحفاظ على استقرار العملة الوطنية (الريال القطري) الأمر الذي يدعم التوقعات بأن يستمر الاقتصاد القطري في مواصلة مسيرة النمو مع استمرار قطر في حفاظها على مركزها الإقليمي والدولي كدولة تتمتع باقتصاد قوي يوفر بيئة استثمارية جاذبة، تحميها قوانين وتشريعات محفزة ومعززة للاستثمارات المنفتحة على العالم.
وأردف التقرير بقوله إن قطر لا تزال رائدة في سوق الإنشاءات والبناء والتشييد في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي من المتوقع أن تشهد زيادة في المشاريع خلال عام 2019 في الفترة التي تسبق مونديال 2022، حيث لم تتأثر صناعة البناء في قطر بمجريات الحصار، مستفيدة من الزخم الكبير للانفاق الحكومي الرأسمالي على المشاريع التنموية الكبرى والاستعدادات لكأس العالم 2022، مما يمثل محفزا كبيرا للتنويع والاستثمار بكثافة في بناء المرافق الرياضية والنقل والسياحة والبنية التحتية، ومن المتوقع أن تضخ قطر استثمارات في البنية التحتية بقيمة 200 مليار دولار أميركي حتى 2022.
وقال التقرير إنه لا تزال التوقعات بالنسبة لسوق البناء في دول مجلس التعاون الخليجي إيجابية إلى حد كبير، مع نمو مستمر للشباب السكان المحليين والوافدين، والتنويع السريع بعيدا عن النفط ويبدو هذا واضح في دولة قطر فهي من الاقتصادات التي تستثمر في القطاعات الرئيسية مثل الضيافة لتشجيع السياحة، التعليم والسكن بأسعار معقولة ، والرعاية الصحية.
ولفت التقرير إلى إن التنمية الاقتصادية السريعة والتغيرات الديموغرافية التي تشهدها قطر بسبب ارتفاع عدد السكان نتج عنه زيادة في الطلب على الوحدات السكنية.
وبحسب التقرير فإن التسارع الاقتصادي هو الإطار الدافع لارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لقطر من 2.8 في المائة في 2018 إلى نحو 3.1 في المائة في عام 2019، وفقا لما أكده صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير، بشأن تسارع النمو الاقتصادي القطري في عام الجاري.
ووفقاً لمؤشرات اقتصادية ومالية مختارة صادرة عن صندوق النقد الدولي، فإن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لقطر سوف يتسارع مع مساهمة القطاعات الهيدروكربونية النفطية وغير الهيدروكربونية (غير النفطية) في النمو، وهو ما يعد دليلاً آخر على أن اقتصاد قطر من أهم وأول اقتصادات المنطقة التي تسير بقوة نحو التنويع الاقتصادي، وإن هذا الإطار العريض المؤكد على قوة الاقتصاد دافع لقطاعات الأعمال المختلفة والتي منها القطاع العقاري والبنائي.
وقال التقرير إن إجمالي الإيرادات من المتوقع أن ترتفع خلال العام الجاري، وبالنظر إلى الزيادة في الإيرادات وانخفاض النفقات، فقد قدر صندوق النقد الدولي أن تحقق قطر توازنا ماليا في 2019 مع تسجيل فائض مالي فيما تتوقع وزارة المالية القطرية تسجيل فائض 4.3 مليار ريال في 2019
ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإنه من المتوقع أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي من نسبة 1.9٪ في عام 2018 إلى 2.6٪ في عام 2019 ، أو عند 2.8 في المائة في المتوسط في 2019 ، مرجحاً بالناتج المحلي الإجمالي الاسمي، كما أشارت مؤسسة ستاندرد أند بورز .
وتواصل معظم دول مجلس التعاون الخليجي التنويع الاقتصادي والإصلاحات المطلوبة لتحسين بيئات العمل وتشجيع الاستثمار. بينما تعتزم الكويت العودة إلى تحقيق فوائض مالية بسبب انتعاش النفط الأسعار، وفي المقابل تشير التوقعات إلى تسجيل السعودية عجزا وفقا للمحللين وهو مايشير إلى التنامي الذي تحظى به قطر على دول الحصار، رغم اقتراب فترة الحصار من اتمام عامها الثاني.
وقال تقرير "إنترسك" و"فينتشرز أو سايت"، إن قطاع البناء والتشييد هو من بين المؤشرات الرئيسية للتنمية الاقتصادية، والتي يحدث بها تحسن على مدى العامين الماضيين بنحو 7 ٪ (من 32 ٪ إلى 39 ٪)، وفقاً لمسح البناء في مجلس التعاون الخليجي. وهذا التحسن الكبير يحدث على وقع ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنفاق الحكومي وهو ما دعم قطاع البناء في دول مجلس التعاون الخليجي.
وذكر التقرير أنه من العوامل الدفعة أيضاً لانتعاش سوق البناء والتشييد، الزيادة في عدد السكان، والاستثمارات الجارية في البنية التحتية والطاقة، وكذلك الفعاليات الضخمة مثل كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر، وهو الذي يعد الحدث الأهم بالمنطقة ومن العوامل التي تستمر في دفع أنشطة البناء في دول مجلس التعاون الخليجي.
وكانت شركة مارمور للأبحاث قد توقعت بواغ احتياجات دول مجلس التعاون الخليجي إلى 6.16 مليون وحدة سكنية بحلول عام 2022. وتركز حكومة دولة قطر بشكل كبير على تحسين الوضع السكني حيث تجعلها حاليا أولوية في جداول أعمالها، وأن يكون السكن بأسعار معقولة.
و تقوم حكومات دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها قطر باستثمارات كبيرة في مجال السياحة والضيافة بما في ذلك توسعات بالمطارات والموانئ الجوية والبحرية لزيادة القدرة على التعامل مع تدفق الزوار المتوقع في مناسبات عدة على رأسها مونديال 2022، وهو ما يجعل التوقعات تصب بأن يحقق سوق الضيافة في دول مجلس التعاون الخليجي نحو 32.5 مليار دولار في عام 2022، ولقطر منها نصيب كبير.
واعتبر التقرير، إن الإنفاق على البنية التحتية كان أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي في دولة قطر خلال العشر سنوات الماضية ومن المتوقع أن تدفع الزيادة في عدد السكان والانفاق الحكومي الرأسمالي وارتفاع النشاط السياحي، نمو في قطاع البنية التحتية في السنوات القادمة.
وتعد مشاريع البنية التحتية على نطاق واسع جزء أساسي من التنويع الاقتصادي والاجتماعي، الذي يهدف إلى تقليل اعتماد قطر على عائدات النفط والغاز من خلال الاستثمار في الصناعات الجديدة التي من شأنها أيضا توفير فرص العمل، وتتجه قطر بشكل متزايد نحو الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتركز الاستراتيجية الثانية للتنمية في قطر 2017-2022 على الانتهاء من جميع المشروعات البنائية في الوقت المناسب قبل المونديال.
وفيما يتعلق بسوق الطاقة فإن استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي الملتزم بها في قطاع الطاقة تبلغ 171 مليار دولار، وهو ما يمثل حوالي 50٪ من الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقًا لمؤسسة الاستثمارات البترولية العربية (ابيكورب). ومن المتوقع أن تعطي الحكومات الخليجية الأولوية للاستثمار في قطاعات طاقتها.
ووفقا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) ، فإن دول الخليج ارتفع بها الطلب على الطاقة واستهلاك الكهرباء بنسبة 8٪ تقريبًا في السنة، حيث إن الست دول هي من بين أعلى 14 دولة في العالم التي تصدر غازات الدفيئة في العالم.
وبحسب مجموعة أكسفورد بيزنس غروب فإن قطر مستمرة قدماً في التوسع في مشروعات الغاز الطبيعي المسار والإنشاءات المعاونة.
وختاماً، يرى التقرير ان عام 2018 عامًا كان جيدًا بالنسبة لصناعة البناء في دولة قطر رغم الحصار، والتي من المتوقع أن تستمر إيجابية إلى حد كبير مدعومة برؤى حكومية للمساعدة في جذب المزيد من المستثمرين إلى السوق.
ومن المرجح وفقا للتقرير أن تظل قطر من أكبر الأسواق للمستثمرين ومطوري صناعة البناء في المنطقة، فمن المتوقع أن يرتفع قطاع البناء في قطر وهو حالياً أحد القطاعات الأكثر نشاطاً بالبلاد والذي يستعد للمزيد من النشاط، ومن المتوقع أن تحافظ البلاد على نمو مطرد في الفترة القادمة مدفوعا بخطة التنمية الاقتصادية رؤية قطر 2030 وفي المقابل يعتبر سوق الإنشاءات في قطر من أسرع الأسواق نمواً في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط ووجهة للاستثمارات من جميع أنحاء العالم.