موسم هروب مضاربي العقار من السوق المحلي
كتب– محمد حمدان
قال مراقبون إن السوق العقاري المحلي يشهد حاليا ظاهرة تتمثل في هروب المضاربين من السوق نتيجة إغلاق الفجوة السعرية بين الأسعار السوقية والأسعار العادلة للعقارات والأراضي في قطر، الأمر الذي جعل بيئة المضاربات غير مواتية.. ليبدأ موسم الهروب الكبير.
ويشير مؤشر أسعار العقارات الصادر عن مصرف قطر المركزي إلى ارتفاع أسعار العقارات من مستوى بلغ 70.5 نقطة في يونيو 2006 إلى مستوى بلغ 245.48 نقطة في سبتمبر 2018 (أحدث البيانات المتاحة) وقد جاء هذا الارتفاع القياسي نتيجة مواكبة الأسعار للنمو القياسي في الاقتصاد الوطني والنمو الديموغرافي (السكاني) مع ارتفاع أعداد السكان في قطر من مستوى يبلغ نحو مليون نسمة في عام 2006 إلى مستوى 2.76 مليون نسمة بنهاية يناير 2019 وهي قفزة هائلة، كما أن متوسط دخل الفرد الذي يعتبر الأعلى في العالم انعكس إيجاباً على تطور نمو السوق العقارية المحلية.
ويرى المراقبون أن المضاربين يظهرون خلال موجات صعود الأسعار نظراً لسعيهم لاقتناص الفرص الاستثمارية بشكل متسارع فيما ينحسر دورهم إذا اقتربت الأسعار من مستوياتها العادلة. متوقعين ان يشهد العام 2019 بدء دورة جديدة من دورات انتعاش السوق العقاري.
وفي التفاصيل يقول الدكتور ميسر صديق الشريك والرئيس التنفيذي لمجموعة إبهار للمشاريع والخبير العقاري الدولي، إن المضاربين اختفوا من السوق العقاري حالياً ولم يعد لهم تأثير على مجريات التداولات من حيث عمليات الشراء والبيع، لافتاً إلى أن السوق في الوقت الراهن تتحكم فيه عوامل العرض والطلب فقط، ونتيجة اقتراب الأسعار السوقية الحالية في القطاع العقاري من المستويات العادلة فإن ذلك أدى إلى خروج المضاربين من السوق العقاري لأن الفرصة لم تعد مواتية لهم، علما بأن المضاربين لعبوا دورا كبيرا في السابق بشأن تأجيج أسعار الأراضي والعقارات.
وأضاف، أن الفرصة حاليا مواتية للراغبين في الاستثمار العقاري بالسوق المحلي، لافتاً إلى أن المستويات السعرية حالياً مستقرة مشددا على أنه يعتبر من أفضل القنوات الاستثمارية تحقيقا للعائد الاستثماري وأيضا أكثر القنوات الاستثمارية أمانا وانخفاضا بالنسبة للمخاطر، ويستفيد القطاع ايضا من النمو القياسي للاقتصاد الوطني ونجاحه في مواجهة الحصار المفروض على البلاد منذ الخامس من يونيو 2017.
وأشار إلى أن السوق العقاري على أعتاب بدء دورة انتعاش جديدة خلال العام الجاري، لافتاً إلى أن اقتراب الأسعار من المستويات العادلة يمثل إيذاناً ببداية دورة جديدة لنشاط السوق العقاري مدفوعاً بعوامل مهمة أبرزها: استفادة القطاع العقاري من ترسية مشاريع جديدة في العام 2019 في مختلف القطاعات بتكلفة إجمالية تصل إلى 48 مليار ريال، وأسعار النفط التي وصلت لأكثر من 60 دولارا حالياً مع توقعات بارتفاعها في المستقبل، لافتاً إلى ان أسعار النفط الحالية مناسبة لدعم حركة وزخم السوق العقاري، وفضلا عن ذلك فإن قانون تنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها والمتوقع سريانه في 2019 سيعزز انتعاش القطاع.
بدوره قال الخبير والمثمن العقاري خليفة المسلماني، إن استقرار السوق العقاري أدى لهروب وخروج المضاربين من السوق، كما أن تفاعلات العرض والطلب في السوق العقاري خلال الفترة الماضية قلصت الفجوة السعرية بين الأسعار السوقية والأسعار العادلة.
وأشار إلى أن السوق العقاري يمضي تجاه دورة انتعاش جديدة خلال العام الجاري، قوامها توقعات ضخ مزيد من الاستثمارات في القطاع العقاري خاصة بعد بدء توزيع الشركات لأرباحها التي حققتها خلال العام الماضي، إضافة إلى بدء تطبيق القانون رقم (16) لسنة 2018 بتنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها، وتنص المادة 2 من القانون على انه، يجوزلغير القطريين تملك العقارات والانتفاع بها، في المناطق، ووفقاً للشروط والضوابط والمزايا والإجراءات، التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح لجنة تنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها المشكلة بوزارة العدل والتي تضم ممثلين عن كافة الجهات المعنية. كما انه وفي جميع الأحوال، لا ينقضي حق الانتفاع الممنوح لغير القطري بوفاته وينتقل إلى الورثة، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.
وتوضح المادة 4 من القانون على أنه تتولى اللجنة الاختصاصات التالية: اقتراح المناطق التي يُسمح فيها لغير القطريين بتملك العقارات والانتفاع بها، واقتراح شروط وضوابط تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها، واقتراح المزايا والحوافز والتسهيلات التي تُمنح لملاك العقارات والمنتفعين بها من غير القطريين، واقتراح الرسوم ومقابل الخدمات التي تُؤدى في المناطق التي يحددها مجلس الوزراء، وأية اختصاصات أخرى يصدر بها قرار من مجلس الوزراء، وترفع اللجنة مقترحاتها إلى الوزير لعرضها على مجلس الوزراء.
ولفت المسلماني إلى أن هذا القانون يشكل نقلة نوعية وطفرة حقيقية في القطاع العقاري، خاصة أنه سيستقطب شريحة كبيرة من المقيمين والأجانب إلى الاستثمار في القطاع العقاري، كما سيعمل على إنعاش القطاع العقاري وبشكل غير مسبوق، حيث سترتفع مستويات السيولة بصورة كبيرة مع زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي الواردة إلى السوق العقاري.
ومن جهته قال الخبير العقاري أحمد العروقي، إن المضاربين في الفترة السابقة كانوا يستحوذون على حصة تتأرجح بين 10% إلى 20% من إجمالي حركة تداولات السوق العقاري، لكن الأوضاع الحالية في السوق العقاري أدت إلى خروجهم من السوق خصوصا ان البيئة لم تعد مواتية لتصعيد الأسعار دون تأسيس حقيقي مثلما كان يحدث في السابق.. وبانتفاء السبب تنتفي العلة..انتهى سبب وجود المضاربين فانتهى وجودهم ايضا الا على استحياء.
يشار إلى أن البيانات المتاحة تكشف عن بلوغ حجم المشاريع الجارية والأخرى المخطط لها والمتوقع تنفيذها خلال السنوات المقبلة مستوى يبلغ نحو 85 مليار دولار (309.49 مليار ريال قطري) تتوزع على: مشاريع بقيمة 9.1 مليار دولار قيد الدراسة حالياً ومشاريع بقيمة 31.7 مليار دولار جارٍ طرحها كمناقصات ومشاريع بقيمة 44 مليار دولار قيد التصميم حالياً وفقاً لإحصائيات مجلة ميد الاقتصادية المتخصصة التي كشفت أن قطاع الطاقة (النفط والغاز) يستحوذ على مشاريع بقيمة 12.1 مليار دولار قيد التنفيذ ومخطط لها وتستأثر مشاريع التنقيب والاستكشاف بحصة الأغلبية بواقع 55 % من قيمة المشاريع بقطاع الطاقة، وتتمثل أبرز مشاريع الطاقة في قطر بمشروع تطوير حقل بوالحنين بتكلفة 6.4 مليار دولار (المرحلة الأولى) إلى جانب تطوير حقل الشمال بتكلفة ملياري دولار فضلاً عن مشروع تطوير حقل برزان بتكلفة تبلغ 700 مليون دولار (المرحلة الثانية).
وتشير البيانات ذاتها إلى أن شركة الديار القطرية تتصدر قائمة أكثر الشركات استحواذاً على المشاريع الجارية بمشاريع تبلغ قيمتها مستوى 18.5 مليار دولار قيد التنفيذ حالياً؛ حيث تبلغ تكلفة مشروع مدينة لوسيل 17 مليار دولار وتأتي شركة بروة العقارية في المرتبة الثانية بمشاريع قيد الإنشاء تبلغ 10.9 مليار دولار فيما تعد شركة «مشيرب العقارية» الثالثة بمشاريع جارية قيد التنفيذ حالياً بقيمة 5.7 مليار دولا.
وشهد قطاع الطاقة والمياه ترسية عقود لمشاريع بقيمة 31.9 مليار دولار خلال الفترة من (1 يناير 2018 وحتى 31 مايو 2018) وبوجود احتياطيات ضخمة من الغاز وثروة نفطية كبيرة فإن سوق المشاريع في قطر يحظى بجاذبية كبرى ويوفر فرصاً استثمارية للمستثمرين الراغبين في تحقيق عوائد جيدة.
وتشهد قطر فورة في قطاع المشاريع على وقع الاستعدادات لمونديال 2022 ومشاريع البنية التحتية المتسارعة في جميع مناطق البلاد في الوقت الذي ارتفع فيه منسوب الثقة بسوق المشاريع المحلي نتيجة عدم تأثره بالحصار؛ حيث لم يتم تسجيل حالة تعثر أو إلغاء أو تأجيل لأي من المشاريع الجارية أو الأخرى المخطط لها رغم الحصار المفروض على دولة قطر منذ الخامس من يونيو 2017.
escription