الطاقة الشمسية تشرق في قطر
إعداد-محمد سيد
توقع تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) تضاعف إنتاج قطر من الطاقة الشمسية لتصل إلى نحو 500 ميغاواط بحلول العام 2020 وذلك بالتزامن مع تدشين مبادرات لخفض الاستهلاك مثل برنامج ترشيد والذي سيعمل من خلال استراتيجية قطر للتنمية 2018 - 2022، على خفض استهلاك الفرد من الكهرباء بنسبة 8% والمياه بنسبة 15%، وهذه الأهداف يترتب عليها توفير الأموال للدولة وتوفير الغاز وتقليل الانبعاثات الكربونية، حيث يأتي هذا التوجه ضمن التزام قطر باتفاقية باريس للمناخ.
وتسعى الدولة إلى تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 لتحقيق توازن بين النفط والغاز ومختلف نواحي الاقتصاد، وتشمل الخطة الاقتصادية والاجتماعية التركيز على اﺳﺘﻐﻼل موارد البلاد من النفط و الغاز، وعلى التركيز على اقتصاد المعرفة وتعزيز دور القطاع الخاص بوصفه لاعبا أساسيا في مسيرة التنمية.
وفي أكتوبر 2018 أعلنت المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء "كهرماء" عن مناقصة لإنشاء أول محطة طاقة شمسية كبرى لإنتاج الكهرباء باستخدام تقنية الخلايا الكهروضوئية في دولة قطر كما أنجزت المؤسسة تأهيل 16 شركة من كبرى الشركات العالمية الرائدة في إنشاء وتطوير محطات الطاقة الشمسية، حيث تم استقطاب الشركات والتحالفات ذات الخبرة في مجال تطوير مشاريع الطاقة الشمسية الكبرى.
وقال الكواري إن تكلفة المشروع سيتم تحديدها من قبل المنافسين عبر المناقصة التي سيتم طرحها، إلا أنه توقع أن يتكلف حوالي 2 مليار ريال، موضحا أن "كهرماء" لن تدفع هذه القيمة وإنما ستدفع قيمة تكلفة شراء الوحدة الكهربائية على مدى 25 سنة، وسيتم الاختيار على أرخص سعر سيقدمه المنافسون.
وتقدر السعة الكلية لمشروع الطاقة الشمسية بنحو 700 ميغاواط على الأقل ، وسيتم ربط 350 ميغاواط مع الشبكة كمرحلة أولى قبل نهاية عام 2020 تحقيقا للهدف الاستراتيجي المعلن في استراتيجية التنمية الوطنية 2018-2022. علما بأنه تم تخصيص أرض لإقامة مشروع محطة الطاقة الشمسية غرب الدوحة من منطقة الخرسعة بمساحة 10 كيلومترات مربعة.
ويشير تقرير (إيرينا) إلى أن قطر هي أكبر منتج ومصدر للغاز المسال في المنطقة، فيما تستحوذ أسواق آسيا على نحو 70% من صادراتها من العاز الطبيعي المسال، كما أنها تمتلك أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، وهو حقل غاز الشمال .
واعتبر التقرير أن قطر من دول الخليج العربي التي ترتفع بين مناطقها سعة وصول الأشعة الشمسية وتتراوح فيها درجات الملاءمة الكهروضوئية الشمسية في مناطق الشمال والجنوب بين 50٪ و60٪ في الشمال والجنوب، بينما أماكن الوسط من البلاد فتزداد فيها الكثافة الشمسية لتصل في مناطق من 80% إلى 90% وفي مناطق أخرى تصل إلى اقوى المعدلات من 90% إلى 100%.
وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يقفز حجم إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي من الطاقة الشمسية إلى مستوى 7 غيغاواط بحلول مطلع 2020، ويلفت تقرير "إيرينا" إلى أن تزايد اعتماد مصادر الطاقة المتجددة في دولة قطر يبعث بإشارة للعالم كله حول الفرص الهائلة التي يمكن التعاون فيها مع قطر واقليميا يمكن لمنطقة الخليج توفير 354 مليون برميل من النفط مع خفض انبعاثاتها بمقدار 136 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون (MtCO2) وأكثر من 220500 ألف فرصة عمل، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع الطاقة بنسبة 22٪، وخفض سحب المياه إلى 11.5 تريليون لتر بنسبة 17٪ بناءً على أهداف الطاقة المتجددة.
والأهداف الحالية هي في متناول اليد بالكامل لدول مجلس التعاون الخليجي، اقتصادياً علاوة على كونها هي الأساس المنطقي الاجتماعي لانتقال مستقبل الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي العربي.
وحققت مشروعات الطاقة المتجددة مكاسب مذهلة في دول مجلس التعاون الخليجي على مدار السنوات الخمس الماضية، والقيام بتنمية المشروعات إلى ما يقرب من 7 جيجاوات (GW) من قدرة توليد الطاقة الجديدة، وهو ما يجعل الطاقة الشمسية قادرة على المنافسة مع تكلفة تقنيات الطاقة التقليدية.
تستمر مصادر الطاقة المتجددة في النمو بسرعة ويمكن أن تساعد إلى حد كبير لتعزيز امدادات الطاقة في المنطقة في السنوات المقبلة.
وتتصدر مشروعات الطاقة الشمسية الكهروضوئية اهتمامات المنطقة بأكثر من ثلاثة الأرباع، تليها طاقة الرياح بحوالي 10٪، بينما تحرص قطر على الاستفادة القصوى من إمدادات الطاقة على كل الصعد حتى في النطاق التجاري.
وبحسب تقرير وكالة آيرينا، يمكن أن تمثل تقنيات الطاقة الشمسية 89٪ من وظائف الطاقة المتجددة في المنطقة بحلول عام 2030، والوصول إلى حوالي 40 غيغاواط، وتوفير استخدام الطاقة الشمسية الكهروضوئية على نطاق واسع في المرافق في دول مجلس التعاون الخليجي، ويمكن أن توظف هذه المشروعات حوالي 23000 شخص، بينما يمكن لأعمال البناء والتشغيل والصيانة وتصنيع المدخلات لطاقة الرياح أن توفر 50 ألف وظيفة، وقد تمثل مشروعات إعادة التدوير والاستخدام للنفايات 6 ٪ من الوظائف وفقا لتقديرات.
وحققت دول مجلس التعاون نموا كبيرا في العقود القليلة الماضية، بفضل مشروعات المواد الهيدروكربونية، وهو ما أوجد حالة من التميز في بعض بلدان المنطقة واقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، كقطر والكويت، اللتين تعدان من بين أغنى الدول في العالم على أساس نصيب الفرد.
وقال التقرير إنه بوصف دولة قطر الدولة الأولى عالمياً من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فإن التخطيط المسبق الذي تتبناه الدولة ادى لاعتماد استراتيجية تنموية تواكب زيادة عدد السكان، وارتفاع دخل ومستويات المعيشة العالية للمواطنين القطريين ومن يعيشون في البلاد، والتي يرادفها فورياً زيادة في استخدام الطاقة الكهربائية وزيادة الاستهلاك وفي هذا السياق وحسبما أوضح التقرير، فقد جاءت دولة قطر في صدارة دول الخليج العربي فيما يخص السكان وحجم النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة المئوية خلال نحو ثلاثة عقود من الزمن منذ عام 1990 وإلى عام 2016، وخلال هذه السنوات وبالاستناد إلى متوسط المؤشرات فقد تصدرت قطر قائمة أكثر الدول نموا خليجيا بنسبة وصلت إلى 12 %، بفارق 4 أرقام مئوية عن أقرب دولة فيما يخص النمو.
ورصد التقرير تضاعف إجمالي استهلاك الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي منذ عام 2000 ما يقرب من أربعة أضعاف عما كان عليه في عام 1990، وهذا الارتفاع غير العادي يجعل دول مجلس التعاون الخليجي تركز على تطوير القطاع .
يذكر أن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة آيرينا (IRENA) هي منظمة حكومية دولية تدعم انتقال الدول إلى مستقبل مستدام للطاقة وتروج لتبني الدول على نطاق واسع لاستخدام جميع أشكال الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الحيوية والطاقة الحرارية من الأرض والطاقة الكهرومائية واستخدام مياه المحيطات والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكل ذلك في سعي من الوكالة لتحقيق تنمية مستدامة وتحقيق أمن طاقة في دول العالم ومنها دول الخليج العربي وذلك عبر نمو اقتصادي منخفض في انبعاثاته الكربونية.