مترو الدوحة.. ثورة في قطاع النقل
كتب- أبو بكر محمد
مكاسب كبيرة حققتها قطر على مدار السنوات الأخيرة ضمن استعداداتها لمونديال 2022، ويأتي في مقدمتها الطفرة العمرانية والتنموية التي شهدتها البلاد، وانطلاق العديد من مشروعات البنية التحتية أبرزها مترو الدوحة الذي سيُؤدي إلى ثورة في قطاع النقل العام والمواصلات في قطر فيما تتواصل أعمال الإنشاءات به متجاهلة الحصار الجائر المفروض على قطر وشعبها منذ يونيو 2017.
وفي الوقت الذي حاولت فيه دول الحصار شل حركة قطر وتقييدها ونشر مزاعمهم بشأن عدم قدرة قطر على استكمال مشروعاتها التي يجري العمل على تنفيذها، ردت عليهم الدولة عمليا بحجم الإنجاز الذي يتحقق على أرض الواقع يوما بعد الآخر، إلى جانب التقارير الدولية التي تُشيد بالمشروعات التي تُنفذها قطر وخاصة فيمجال اللوجيستيات والنقل.
وتُنفق قطر 500 مليون دولار أسبوعيا للإعداد لاستضافة مونديال كأس العالم 2022، ويخصص جزء كبير من هذا الإنفاق لمشروع مترو الدوحة ومد سكك حديدية وحافلات وشق طرق جديدة، ورغم أن تلك الاستعدادات يراها كثيرون مرتبطة بالمونديال إلا أنها تمثل مكسبا كبيرا للشعب القطري وسكان الدولة نظرا لأنها ستلبي جميع احتياجات المواطنين والمقيمين من جانب كما انها تكرس تحركات الدولة لتنويع الاقتصاد.
إنفاق واعد
وأكد بنك الاستثمار ألبن كابيتال أن الإنفاق القطري على مشاريع النقل لايزال واعداً، علاوة على أن تمويل المشاريع الرئيسية، بما في ذلك البنية التحتية للنقل، ارتفع بمقدار 3.3 مليار ريال (905.5 مليون دولار) إلى 90.8 مليار ريال (24.9 مليار دولار) كما أن قطر استثمرت بشكل كبير في مراكز الخدمات اللوجستية، والمناطق الاقتصادية الخاصة، والبنية التحتية للموانئ وشبكات الطرق على مدار الأعوام الأخيرة، مما تسبب في فشل محاولات السعودية والإمارات في حصارها .
ففي قطاع النقل البري سعت وزارة المواصلات والاتصالات على مواكبة النمو السريع الذي تشهده دولة قطر خلال السنوات القليلة الماضية في تعداد السكان والتوسع الاقتصادي الذي يتطلب إدخال المزيد من التطورات والتحديثات على البنية التحتية للقطاع بوسائطه المختلفة، بالإضافة إلى تحسين الخدمات اللوجستية المساندة، واستخدام أحدث التقنيات والأنظمة الذكية للارتقاء بجودة خدمات النقل البري، ومن ضمن تلك المساعي برز نجم «مترو الدوحة».
إنجازات واعدة
ووفقا لأحدث البيانات المتاحة فإنه من المتوقع أن ترتفع نسبة ركاب النقل العام بعد عام 2019 مع استكمال مشروع مترو الدوحة، على امتداد أكثر من 200 كيلومتر، وستشمل المرحلة الأولى، المقرر إنجازها في عام 2020، 37 محطة وثلاثة خطوط تمتد على طول 75 كيلومترا- أخضر، ذهبي، وأحمر- وسيقسم الأحمر إلى خطوط الشمال والجنوب، وستشهد المرحلة الثانية إضافة الخط الأزرق و60 محطة جديدة.
وتنفذ قطر عدداً كبيراً من مشاريع البنية التحتية والمواصلات إضافة إلى الإنشاءات الخاصة بمشروعات الصحة والتعليم تبلغ كلفتها الإجمالية أكثر من نحو 261 مليار ريال (71.7 مليار دولار)
وواصلت قطر خطتها الطموحة في مجال النقل عبر استقدام أحدث الآلات والمعدات من مختلف دول العالم، عبر شق مئات الكيلومترات من الأنفاق، وفي أحدث تصريحاته أكد سعادة السيد جاسم بن سيف السليطي وزير المواصلات والاتصالات أن نسبة الإنجاز العام لمشروع مترو الدوحة وصلت نحو 92 % بنهاية العام الماضي وفقا للجدول الزمني المقرر، وتم الانتهاء من الأعمال المدنية في المحطات، بينما تتواصل أعمال التشطيبات الكهروميكانيكية والمعمارية في المحطات البالغ عددها 37 محطة.
مراحل المشروع
وتضم المرحلة الأولى لمترو الدوحة 3 خطوط، الأول هو الخط الأحمر والذي يمتد إلى مسافة 40 كم ويربط الوكرة في الجنوب بلوسيل في الشمال، عن طريق محطة رقم واحد بمطار حمد الدولي ومركز مدينة الدوحة، ويضم 18 محطة، بما في ذلك الخليج الغربي، وكتارا، وجامعة قطر، في حين ستربط محطة ليغتافيا بنظام نقل السكك الحديد الخفيف بلوسيل.
وسوف يقلل الخط بشكل كبير من وقت السفر للركاب، حيث تشير سكك الحديد القطرية "الرّيل" إلى أنه في الوقت الحاضر تستغرق الرحلة من مطار حمد الدولي إلى لوسيل 90 دقيقة، بالمقارنة مع رحلة بالمترو تستغرق 36 دقيقة عند انتهاء البناء.
أما الخط الثاني فهو الأخضر الذي يبلغ طوله 22 كيلومترا من الرفاع في الشمال الشرقي إلى المنصورة في الغرب مرورا بالمدينة التعليمية، ولذلك يُعرف أيضا باسم خط التعليم، وسيضم 11 محطة، تشمل محطات توقف في مستشفى حمد والشقب ومكتبة قطر الوطنية، أما الخط الثالث فهو الذهبي الذي يبلغ طوله 14 كيلومترا، ويمتد من الشرق إلى الغرب ويربط رأس بو عبود بالعزيزية، يتوقف الخط في العديد من المعالم الثقافية والترفيهية الهامة، بما في ذلك متحف قطر الوطني، سوق واقف، الوعب، بالقرب من مول فيلاجيو.
وتسلمت «الريل» حتى الآن 53 قطارا من مصانع شركة كينكي شاريو اليابانية، من إجمالي 110 قطارات سوف تخدم مشروع المترو.
شبكات موازية
وبالتوازي مع مشروع المترو تعمل قطر أيضا على مشروع قطار النقل الخفيف في مدينة لوسيل والذي تجاوزت فيه نسبة الإنجاز 90% مع تقدم أعمال البرنامج حسب الجدول الزمني المحدد كما تم استلام 5 قطارات من مشروع ترام لوسيل.
ومؤخرا كشف أحمد محمد الصالح مدير شؤون مشروع ترام لوسيل، أن المشروع الذي تديره شركة الريل القطرية إلى جانب مشروع مترو الدوحة، يتكون من 28 محطة من منها 10 محطات تحت الأرض، ما سيجعل منه عصب النقل الرئيسي، مشيرا إلى أن خطوط ترام لوسيل ستمتد على مسافة 19 كلم.
وتم تخطيط هذه الشبكة لتشمل أربعة خطوط، وتضم 25 محطة فوق مستوى الأرض في هيئات متنوعة، أنظمة مركزية، وأنظمة فرعية، وأنظمة ثنائية، وجسرا مستقلا لربط ركاب ترام لوسيل بشبكة سكك الحديد الإقليمية، ومرفق مستودع وتشغيل قطار النقل الخفيف والصيانة والتخزين، ومسارا تجريبيا، مع الاستعانة بأحدث أنظمة التشغيل الكهربائي دون أسلاك للقطارات.
وسوف يربط نظام نقل السكك الحديدية الخفيف بلوسيل مدينة لوسيل المطورة، التي سيصل عدد سكانها لـ200 ألف شخص، بالمراكز السكنية والتجارية ومراكز العمل الكبرى، ويعد المشروع الأكثر تطورا في مشاريع هيئة سكك حديد قطر.
وتتكون الشبكة من أربعة خطوط- (أصفر، بنفسجي، أخضر وأحمر)، وتشمل 37 محطة، مع خطوط المترو المخطط لها وتصل أوقات التوصيل بين المحطات إلى أقل من دقيقتين، وسيعمل الترام بسرعة 29 كيلومترا في الساعة.
رؤية واعدة
وتعتبر الاستراتيجية الوطنية للتنمية «رؤية 2030» تطوير النقل البرى أساسا للنمو الاقتصادى المستدام، وتعكف وزارة النقل والاتصالات القطرية على تطوير شبكة متكاملة للنقل، وفق أحدث المواصفات العالمية، بحيث تساهم فى تحقيق أهداف تلك الرؤية، وسوف تساعد المشاريع الطموح الجارية حاليا على زيادة طول شبكة الطرق السريعة فى دولة قطر لتصل إلى 8500 كيلومتر بحلول عام 2020 مع إنشاء نحو 30 نفقا جديدا و200 كوبرى جديد.
ووفق الخطة القطرية فإنه من المتوقع أن يكون لنظام المترو ونظام نقل السكك الحديد الخفيف تأثير إيجابي للغاية على الازدحام المروري في البلاد، حيث أدى النمو السكاني إلى تدفق مركبات جديدة على الطريق، ومن المرجح بلوغ عدد ركاب المرحلة الأولى من مترو الدوحة 447 ألف راكب يومياً في عام 2020، وهو أول عام كامل من الخدمة، على أن يرتفع العدد إلى 752 ألف راكب يومياً بحلول عام 2026.
ووفقا لتوقعات مؤسسة اوكسفرد بيزنس غروب البريطانية فإن عدد ركاب ترام لوسيل سيبلغ 42 ألف راكب يوميا في عام 2020، على ان يرتفع العدد ليصل إلى 60 ألف راكب يوميا بحلول عام 2021، مع ارتفاع أعداد المسافرين بنسبة 7% إلى 10% سنويا لتصل إلى 90 ألفا يوميا في عام 2026. وإجمالا، فإن مشاريع المترو ونظام نقل السكك الحديد الخفيف ستقوم بتخفيف الزحام عبر إزالة ما يقدر بـ170 ألف سيارة من الطرق، والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 258 ألف طن سنويا.
مشاريع حيوية
وتشير تقديرات مؤسسة اوكسفورد بيزنس غروب البريطانية إلى استمرار زخم نمو قطاع النقل القطري تلبية لاستراتيجية التحديث والتطوير من جهة واستعداداً لمونديال كأس العالم لكرة القدم لعام 2022 ورؤية قطر الوطنية حيث تواصل الدولة دعمها لتقديم مشاريع حيوية، تهدف إلى تمكين الدولة من تحسين إدارة الكثافة السكانية المتزايدة وحركة المرور مرجحاً نمو التدفقات السياحة إلى قطر مع تدفق سلس للسلع والخدمات على وقع تطوير قطاع النقل المحلي.
وقد جنت قطر نتيجة توسعها في مشروعات البنية التحتية استعدادا لمونديال 2022 حزمة من المكاسب في جميع قطاعات الاقتصاد، إلى جانب تزايد قدراتها على الحد من الاختناقات والازدحام المروري، وتحسين فرص التجارة والاستثمار، ودعم الجهود الجارية لتنويع الاقتصاد، وهي أولوية رئيسية في رؤية قطر الوطنية 2030.