سعادة الشيخ فيصل بن قاسم : الإصـــرار ســرّ الـنـجــاح
حاوره: سعيد حبيب | تصوير: محمود حفناوي |
يعتبر سعادة الشيخ فيصل بن قاسم «أيقونة» في عالم المال والأعمال، ليس على مستوى دولة قطر فقط وإنما على المستويين الإقليمي والعالمي أيضا، نتيجة تعدد أنشطته الاستثمارية ونجاحاته الهائلة وشهرته التي طبقت الآفاق.
ورغم صعوبة محاولة رصد نجاحات سعادة الشيخ فيصل في سطور إلا أن هناك حزمة من المحطات المهمة في مسيرته التي تفوق 50 عاما من النجاح الاقتصادي والاستثماري وهي تأسيسه لشركة الفيصل القابضة التي يترأس مجلس إدارتها، بالإضافة إلى تأسيسه لشركة أعمال ذات الأنشطة الاستثمارية المتنوعة والتي يتولى رئاسة مجلس إدارتها، إلى جانب توليه رئاسة رابطة رجال الأعمال القطريين وتأسيسه ورئاسته لمؤسسة الفيصل بلا حدود، ورئاسته لمجلس إدارة الجمعية الخليجية القطرية للسيارات الكلاسيكية، وتأسيسه ورئاسته لمجلس أمناء متحف الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، فضلا عن عضويته في مجلس أمناء جامعة قطر.في حواره مع «أملاك» يتحدث سعادة الشيخ فيصل بن قاسم عن مسيرته ويتناول آفاق الاقتصاد الوطني والبيئة الاستثمارية دون أن ينسى توجيه نصائح لجيل الشباب.. وفيما يلي التفاصيل:
* مسيرتك الحافلة تمثل قصة نجاح استثمارية أيقونية فما هو سر النجاح، وما هي أهم المواقف التي تأثّرت بها؟
- يمكن القول إنه من أهم أسرار النجاح الشغف والإصرار على تحقيق الهدف وعدم الخوف من الفشل، بالإضافة إلى البحث عن الفرص والسعي وراءها والاستفادة منها.، وبناء علاقات تجارية تستند إلى الثقة المتبادلة. أمّا بالنسبة للمواقف التي تأثرتُ بها، فهنالك العديد من المواقف التي تتبلور حول الإخلاص والمثابرة.
متحف الشيخ فيصل
يمثل متحف الشيخ فيصل بن قاسم أكبر متحف شخصي بالعالم.. كيف ترى الدور الذي يلعبه المتحف في تعزيز الحركة الثقافية؟ وكيف نجح في تعزيز حضوره ليصبح أحد معالم قطر الشهيرة؟
- لعلّنا جميعاً نعي الدور الكبير الذي تلعبه المتاحف بشكل عام في حماية التراث والأعمال الفنيّة القيّمة. فمن خلال القطع المتنوعة التي يحتويها المتحف، نسعى إلى الاهتمام بتراث أمّتنا والتعريف به في إطار شيّق. كما يُمثّل المتحف وسيلة للاتصال، والتي تنقل ثقافة وحياة وتقاليد الشعوب إلى الأجيال القادمة. كما أنّني أرى المتاحف بشكل عام ضرورة وطنيّة لا غِنى عنها، حيث تعكس الجوانب المختلفة للتاريخ الوطني والدينيّ للبلاد، كما تعكس الهويّة الثقافيّة للشعوب، وتُساهم في تفعيل السياحة، حيث تُطلِع المهتمّين من حول العالم على الهوية الثقافية للبلاد.
رابطة رجال الأعمال
تتولى رئاسة رابطة الأعمال القطريين..كيف ترى دور الرابطة في تطوير بيئة الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار وعقد الشراكات الاستثمارية؟
- في ظل سياسة الدولة التي تؤكد علي ضرورة دعم وتطوير دور القطاع الخاص في الاقتصاد المحلّي، فإن دور الرابطة كمؤسسة غير ربحية يتمثل في دعم الاقتصاد المحلّي ودعم الدور الكبير الذي تلعبه مؤسسات وشركات القطاع الخاص، وتعزيز روح المبادرة وريادة الأعمال والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى تحسين بيئة الأعمال والتحفيز على زيادة تدفّق الاستثمارات. فمن خلال الأنشطة التي تقوم بها الرابطة، فإنها تساهم في تشجيع رجال الأعمال القطريين لتحقيق التنمية الاقتصادية والنهوض بأداء القطاع الخاص في قطر، وتُشكّل الرابطة منصّة يمكن من خلالها تبادل الأفكار التي تدعم ازدهار المناخ الإقتصادي المحلّي. كما يُعتبر القطاع الخاص شريكاً رئيسيّاً في نهضة البلاد، ونحن نعمل في تكامل وتنسيق مع القطاع الحكومي وشبه الحكومي نحو تحقيق استراتيجية البلاد في دعم الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك فاعل في التنمية الاقتصادية.
كما شهدت الرابطة مؤخّراً تأسيس «رابطة فنادق قطر»، والتي تهدف بالتأكيد إلى تعزيز حضور القطاع الخاص ومساهمته بشكل فعّال في تنمية ودعم القطاع الفندقي في الدولة على المستوى العالمي، بالإضافة إلى الترويج للقطاع الخاص إقليميّاً وعالميّاً بهدف جذب المستثمرين إلى الاستثمار في قطاع الضيافة المحلّي.
أكبر تكريم
حصدت حزمة من التكريمات والجوائز التي يصعب حصرها.. فما هو التكريم أو الجائزة الأقرب إلى قلبك؟
- بالنسبة لي فإن أكبر تكريم من الممكن أن أحصل عليه هو أن أرى استمتاع الحضور خلال زيارتهم للمتحف، وأن أشهد الوعي الذي يتم نشره بأهمية الإلمام بهويتنا الثقافية والدينيّة وخاصة بين الجيل القادم من الأطفال واليافعين والشباب عند قدوم وفود الزوّار إلى المتحف، ممّا يدعوني للسرور والفخر بأنّي قد ساهمت في إيصال صورة عن الموروث الثقافي الثمين الذي نملكه.
أما بالنسبة لقطاع الأعمال فإنّنا عندما نساهم في بناء وطننا من خلال إنشاء المؤسسات، فإن هذا من شأنه ان يلبّي احتياجات المجتمع المحلّي ويساهم في تطور بلدنا الحبيب ورفعته، بهدف أن يضاهي أفضل دول العالم تقدماً في كافة المجالات.
الشركات العائلية
كيف ترى فرص تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة وإدراجها في البورصة في ظل التوجه نحو تيسير شروط الادراج في بورصة قطر؟
- يُمثل الإدراج فرصة واعدة للشركات العائلية والشركات الناشئة للدخول في سوق الأسهم وتشكيل جزء من النسيج الاقتصادي الوطني، ما يُعطي كذلك للمساهمين خيارات استثمارية متعدّدة، بهدف مواكبة سياسة التنويع الاقتصادي للدولة، حيث يزيد عدد الشركات المدرجة من فعالية الاقتصاد بشكل عام، مما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد المحلّي. وأودّ أن أنتهز هذه الفرصة لأتقدم بالشكر لبورصة قطر التي قامت مؤخّراً باتخاذ مبادرات نحو تيسير شروط إدراج الشركات فيها. إنّ مثل هذه المبادرات من شأنها أن تُشجّع الشركات من مختلف القطاعات على التقدّم خطوة للأمام والمبادرة نحو الإدراج في السوق.
كما أنه من الواجب تشجيع الشركات على دخولها في البورصة، حيث إن إدراج الشركات في البورصة من شأنه أن يُحافظ على استمرارية هذه الشركات ويساهم في تحسين أدائها وبقائها في السوق، والتخفيف من تأثير الجيل الأول والثاني على سير أعمالها.
القنوات الاستثمارية
ثمة قنوات استثمارية رئيسية وهي: العقارات والبورصة والصناعة والخدمات.. ما هي أفضل قناة استثمارية في قطر حاليا من حيث العوائد؟ وكيف تقوم بتنويع استثمارات محفظتك المالية؟ وماذا عن استراتيجيات درء مخاطر الاستثمار؟
- في ظل جهود الدولة لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن القطاعات الاقتصادية المتعلقة بالطاقة، فإنّنا نعي أهمية التركيز على قطاع الإنتاج الصناعي والحاجة للنهوض به محليّاً ويعد هذا القطاع جزءا هاما من استثمارتنا المتنوعة التي نعمل بها إذ تشكّل استراتيجية التنوّع لشركاتنا مصدر قوة، كما توفّر درجة من الاستقرار ومنصة للاستفادة من الفرص الاستثمارية المختلفة عند ظهورها.
ولعلّ من أهم الخطوات الواجب اتخاذها للتخفيف من مخاطر الاستثمار قدر الإمكان هي: التخطيط والدراسة العميقة لاختيار المحفظة الاستثمارية المناسبة واختيار الأنسب منها، واتخاذ الحيطة والحذر وذلك لإدارة المخاطر والتقليل من التعرّض للخسائر، والمتابعة الدقيقة لأحوال السوق والقيام بالدراسة المالية لأحوال السوق ومن ثمّ اختيار الوقت المناسب لاتخاذ قرار القيام بالاستثمار، بالإضافة إلى اتبّاع سياسة التنويع في المحافظ الاستثمارية، والذي من شأنه أن يعطي المستثمرين فرصة أكبر للاستمرارية والمرونة وزيادة فعاليتهم. بالإضافة إلى تطبيق أعلى معايير الحوكمة، والتي من شأنها أن تُوفّر إطاراً ثابتاً لحماية حقوق جميع أصحاب المصلحة.
كما أنه بالنظر إلى الوضع الحالي للأعمال، فإني أرى أنه ومن أجل ضمان استمرارية الشركات وتطوّرها، فإنه يتعين عليها الحفاظ على التطور المستمر والاطلاع على أحدث التطوّرات والأفكار المُعاصرة، وتوظيف الكوادر الشابة التي من شأنها النهوض بتطورها واستدامتها.
نصيحة للشباب
ما النصيحة التي توجهها إلى رواد الأعمال والمستثمرين الشباب في السوق القطري؟
- أودّ هنا أن أنصح رواد الأعمال والمستثمرين من الشباب أن يحرصوا على تقديم شيء فريد، سواءً كان منتجاً أو خدمة، فالسوق بحاجة دائمة إلى الأفكار الشابّة والمبتكرة. كما أنصحهم بالاستفادة من شبكة العلاقات الخاصة بهم والحرص على توسعتها وتطويرها بشكل مستمر، والاستفادة من خبرات ونصائح من سبقهم. وعلى روّاد الأعمال دائماً الإيمان بأفكارهم والارتقاء بها وبإمكانية وصولهم إلى النجاح، وعدم التخلّي عن حلمهم وشغفهم، والتحلّي بالطموح والعزيمة.. كما أنه على بدايات المشاريع أن تكون بسيطة ومن السهل إدارتها، وذلك للتخفيف من مواجهة الصعوبات، كما أنه على روّاد الأعمال التعلّم باستمرار من التحدّيات التي يواجهونها، حيث إن التطوّر لا يُقاس بالنواحي المادية أو الأرباح التي نحقّقها في البداية، بل تُقاس بالخبرة والعلاقات البنّاءة التي نكوّنها من الأشخاص من حولنا، وخاصة مع وجود حدثٍ هام نتطلع جميعنا إليه ونضعه نصب أعيننا مثل كأس العالم 2022 ودورة الألعاب الاسيوية 2030.
حزمة التحفيز
انتعشت البورصة والعقارات فيما يتوقع صندوق النقد الدولي تحقيق الاقتصاد القطري نموا بواقع 5 % في العام 2021.. هل تعتقد أن حزمة التحفيز الاقتصادية التي أقرتها دولة قطر لمواجهة تداعيات كورونا أثبتت كفاءتها وفعاليتها؟
- إنّني أعتقد بالفعل أن حزمة التحفيز الاقتصادية والتدابير والإجراءات الناجحة التي قامت الحكومة باتخاذها قد أثبتت فعاليتها وكفاءتها ووفّرت الأمان لرجال الأعمال والمستثمرين، فقد امتدّت لتدعم القطاع الخاص الذي تأثر من الأزمة. إن هذه التدابير التي قامت بها الدولة أثبتت نجاحاً حيث لم تشهد السيولة المحلية أو الأجنبية للقطاع المصرفي تأثُّراً بتداعيات جائحة كورونا. كما استمرت القطاعات الاقتصادية المختلفة في تحقيق نتائج إيجابية وذلك بسبب الرفع التدريجي للقيود في الدول واستئناف النشاط الاقتصادي حركته، الأمر الذي يعكس فعالية التدابير والمحفزات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة.
تطوير التشريعات
شهدت قطر تطورا متسارعا في التشريعات الاقتصادية في أعقاب الحصار. كيف ترى تأثير هذه التشريعات على بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار؟
- لقد دفع الحصار الذي فُرِضَ على دولتنا الحبيبة قطر منذ حوالي 4 أعوام حكومتنا الرشيدة بالفعل إلى اتخاذ مجموعة من التشريعات التي تهدف إلى تخفيف تأثّر الاقتصاد المحلّي بمختلف قطاعاته بالظروف الراهنة. وفي هذه الفترة، فقد ازداد الوعي بأهمية تطوير الإنتاج المحلّي والنهوض به، بالإضافة إلى استقطاب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد، مما يساهم في دفع عجلة النشاط الاقتصادي والتنمية الاقتصادية، حيث تسهم هذه الاستثمارات الأجنبية في إكمال جوانب القوة الموجودة في الاقتصاد القطري وإكمال مسيرة التنوّع فيه، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الاقتصادي. كما أن الاستثمارات الأجنبية من شأنها أن تجلب إلى الدولة آخر التطورات في مجالات التكنولوجيا والطاقة والتسويق وغيرها من المجالات، مما يدعم نمو القطاع الخاص المحلّي، ويدعم دوره في تلبية الاحتياجات المتزايدة والمختلفة للسوق المحلي.
كما أن الوضع الاقتصادي الحالي في قطر يختلف عنه وقت فرض الحصار منذ حوالي أربعة سنوات، ومن أسباب ذلك البنية التحتية الملائمة للبلاد، ووجود المزيد من الكوادر الشابة من الخريجين الجدد والموظفين، وقوة مركزها المالي الذي ساعدها على دعم رجال الأعمال القطريين وتعزيز دورهم في التجارة المحلية والإقليمية والعالمية، والذي يُعدّ أمراً إيجابيّاً من شأنه أن يشجّع رجال الأعمال المحليّون على المزيد من التطوّر ومشاركة الشركات العالمية.
فرص المونديال
كيف ترى الفرص التي يوفرها مونديال قطر 2022 لشركات الاستثمار في السوق المحلي؟
- تُشكّل استضافة قطر لكأس العالم 2022 فرصة اقتصادية ضخمة للقطاعات الاقتصادية المختلفة في البلاد، وكذلك للشركاء التجاريين من مختلف أنحاء العالم، حيث تم التعاون وإبرام العديد من العقود مع شركاء عالميّين من أجل إعداد المشاريع المختلفة والمتعلقّة بهذه البطولة، وذلك بهدف تعزيز القدرات المحليّة وترك إرثٍ اقتصادي مُستدام.
وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية فوز قطر باستضافة دورة الألعاب الآسيوية 2030، والتي تؤكد على أهمية الرياضة كجزء من الهوية الوطنية للبلاد، وعلى وجود مقومات أمن وسلامة الضيوف، وملائمة البنية التحتية للبلاد لاستضافة مثل هذه الأحداث الهامة على مستوى عالمي، وتوفير تحربة فريدة لجميع الضيوف والمشاركين في هذا الحدث.
إن قطر قادرة ومؤهلة لاستضافة أحداث عالمية هامة مثل كأس العالم 2022 ودورة الألعاب الآسيوية 2030، حيث إن قطر تتميّز بالأمان والاستقرار وحبّ شعبها للضيافة. وعلى الرغم من حجم الدعاية التي دارت في وسائل الإعلام المختلفة حول عدم قدرة استضافة قطر لكأس العالم 2022، إلّا أن هذا كان من شأنه الزيادة من إصرار البلاد على استكمال جاهزيتها لاستضافة هذا الحدث على أكمل وجه.
الفيصل القابضة
تنشط شركة الفيصل القابضة في حزمة استثمارات متنوعة.. فما هي أبرز المشاريع التي تباشر الشركة تنفيذها حاليا في مجال الضيافة محليّاً وعالميّاً؟
- لقد شهدت الفترة الأخيرة العديد من المشاريع الهامة بالنسبة لنا، فعلى صعيد قطاع الضيافة قمنا بتطوير بعض المشاريع القائمة بالفعل، وافتتاح مشاريع جديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. إنّه لمن دواعي سرورنا أن نشكّل جزءاً من قطاع الضيافة الذي سيساهم في استضافة كأس العالم 2022 على أكمل وجه، وذلك من خلال عدد الغرف التي نملكها في قطر، والذي سيبلغ عددها حوالي 3260 غرفة بحلول هذا الحدث الهام.
الهواية المفضلة
ما هواياتك المفضلة التي تحرص على المواظبة عليها؟
- لعلّ أكثر هواية أحرص على المواظبة عليها هي جمع القطع الأثرية المتعلقة بالحضارة العربية والعالمية، ممّا دفعني إلى إنشاء المتحف الخاص به لعرض هذه القطع للمهتمّين من جميع أنحاء العام.