قطر تحتل الصدارة العربية في بنية التكنولوجيا المتقدمة
ساهم التطور الكبير الذي شهدته البنية التحتية الذكية لتكنولوجيا المعلومات في دولة قطر، في التوسع بعملية التنمية التي تشهدها البلاد، حيث عملت تلك البنية على جذب العديد من رؤوس الأموال الخارجية، كما سهل ذلك من عملية التسارع في إنشاء المشاريع التي يقوم عليها رجال الأعمال، وذلك من خلال سرعة إنجاز جميع المعاملات الحكومية في أيام قليلة.
وشهدت دولة قطر فرصًا كبيرة للنمو محليًا لشركات التكنولوجيا المالية من جميع أنحاء العالم باعتبارها سوقًا غير مشبعة، وتوقعت العديد من المصادر أن ينمو حجم الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى نحو 9 مليارات دولار أميركي بحلول عام 2024، الأمر الذي سيسهم في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد وتدعيم مكانتها لتبرز كمركز رائدٍ في مجال التكنولوجيا المالية في المنطقة.
كما أن عملية التنمية والتوسع في البنية التحتية لم تكن تتم إلا من خلال قيام الدولة بإطلاق العديد من الخدمات الذكية الرائدة، مثل إطلاق مبادرة «قطر الذكية»، والمعروفة باسم «تسمو» التي تسعى لتسخير التكنولوجيا والابتكار لتعزيز التنوع والنمو الاقتصادي المستدام وتحسين الخدمات العامة وجودة الحياة للمواطنين والمقيمين والزوار في قطر.
وتركز مبادرة «تسمو» على 5 قطاعات ذات أولوية، وهي المواصلات والرعاية الصحية والخدمات اللوجستية والبيئة والرياضة، ومن المتوقع أن تجلب هذه المبادرة إيرادات كبيرة للاقتصاد القطري المتنامي وأن تعزز مسيرة التنمية بأكثر من 5 % وتحقق 11 مليار دولار على الأقل، من إجمالي الناتج المحلي الاسمي المتوقع والمُقدَّر بـ 275 مليار دولار بحلول عام 2022.
ويعد توفر بنية تحتية قوية للاتصال بالإنترنت العمود الفقري للمدن الذكية، وقد استطاعت قطر أن تحقق نتائج إيجابية للغاية في هذا الاتجاه، ومع إطلاق شبكة اتصالات الجيل الخامس بشكل تجاري على شبكات عالمية في مايو 2018، عززت قطر مكانتها كدولة رائدة عالمياً في توفير الإنترنت ذات النطاق العريض وفائقة السرعة للأسر والشركات.
وينمو حجم سوق إنترنت الأشياء بشكل كبير في قطر، حيث يُتوقع أن تصل المبيعات إلى 573 مليون دولار بحلول عام 2022، مقارنة بـ 172.5 مليون دولار في عام 2018، فيما يُتوقع أن ترتفع القيمة النقدية للمنازل الذكية في قطر إلى 344 مليون دولار.
المدن الذكية
تحول مفهوم المدن الذكية في قطر إلى حقيقة واقعية مع مشروعي مشيرب قلب الدوحة ومدينة لوسيل، وهما في مراحل متقدمة من الإنجاز، حيث يشغل مشروع مشيرب قلب الدوحة الذي تبلغ تكلفته 5.5 مليار دولار، وهو مشروع تطوير متعدد الاستخدامات، بمساحة قدرها 310 آلاف متر مربع في قلب الدوحة، ويعتبر أول مشروع مستدام في العالم لتجديد وسط مدينة وأول مشروع لتجديد وسط مدينة يعتمد على تكنولوجيا المدن الذكية والاتصال منذ البداية، وقد فاز المشروع الذي يهدف إلى معالجة مجموعة من ركائز المدن الذكية بما في ذلك الاقتصاد الذكي والحياة الذكية والبيئة الذكية، بالعديد من الجوائز، ومنها جائزة المدينة الذكية في برشلونة في عام 2018، كما كانت مرشحة للحصول على جائزة المدن لجائزة آغاخان للعمارة 2019.
أما مدينة لوسيل والمعروفة أيضا باسم «مدينة المستقبل في قطر»، فهي مدينة يجرى تطويرها حالياً وذات بنية تحتية ذكية وتبلغ تكلفتها 45 مليار دولار وتقوم على تطويرها شركة الديار القطرية، وسوف يوفر المشروع بيئة تشغيل عالية التقنية تضم شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية بما يضمن تقديم خدمات متقدمة.
وتقوم Ooredoo بتزويد لوسيل بالأنظمة الذكية وأجهزة الاستشعار في جميع أنحائها وببنية تحتية فائقة التطور، لتكون بمثابة الدعامة الأساسية لخدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المدينة. لتصبح بذلك مدينة لوسيل أول مدينة ذكية يتم إنشاؤها على نطاق واسع ونموذجاً وتطبيقاً حياً على كيفية الحياة في المدن الذكية.
وتعد شبكات Ooredoo السلكية واللاسلكية هي الأساس لمجموعة كبيرة من الخدمات الذكية الآمنة التي تتوفر في مدينة لوسيل. ومن بين الأمثلة العملية، العمليات الذكية بأنظمة SCADA المدمجة، وحركة المرور الذكية لتقليل الاختناقات المرورية، وأنظمة الإضاءة الذكية لتوفير الطاقة، والإدارة الذكية للنفايات لتعزيز عمليات جمع النفايات ومسارات المركبات التي تقوم بهذه المهمة.
وبشكل عام، تهدف خدمات المدن الذكية هذه إلى الارتقاء بتجربة زوار وسكان مدينة لوسيل، بما في ذلك خدمات دعم البطولات الرياضية الكبرى التي ستستضيفها قطر.
الحكومة الإلكترونية
وتباشر الدولة تنفيذ برنامج الحكومة الإلكترونية وهو مشروع حكومي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات يهدف إلى تحقيق تكامل وتوفير كافة الخدمات والمعلومات الحكومية إلكترونياً من خلال نافذة واحدة لكافة المستخدمين كما يعزز البرنامج أواصر التعاون بين مختلف الجهات الحكومية عبر زيادة كفاءة أداء المؤسسات الحكومية والاستخدام الأمثل لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتبسيط إجراءات النظم الحكومية.
وتتمثل الأهداف الأساسية لبرنامج الحكومة الإلكترونية في تطوير الخدمات الحكومية للمستخدمين من خلال توفير الخدمات الحكومية الأكثر كفاءة وفعالية والأسهل وصولاً للجميع مع زيادة الكفاءة الداخلية للمؤسسات الحكومية من خلال تبسيط الإجراءات الحكومية والتنسيق بين تلك المؤسسات من خلال برامج البنية التحتية التي تتقاسمها الجهات الحكومية وتعزيز الحوكمة والشفافية عن طريق توضيح مختلف الإجراءات ومساهمة المستخدمين في اتخاذ القرارات.
ومن بين أهداف استراتيجية الحكومة الإلكترونية لدولة قطر: رفع عدد الخدمات الحكومية المتوفرة إلكترونيًا إلى نسبة 100 % والتأكد من أن المستخدمين قادرون على استكمال الحصول على مختلف الخدمات الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت، ورفع وعي المستخدمين، وأتمتة الأعمال الحكومية والاستعانة بالتطبيقات الحديثة وتعزيز بنية تحتية مشتركة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتطوير حكومة أكثر انفتاحًا وفعالية وتفاعلًا مع الجمهور.
تدريب كوادر الدولة
كما قامت الدولة خلال الفترة الماضية بتنفيذ أكثر من 500 دورة تدريبية وبرنامج تدريبي متخصص ونحو 40 ألف ساعة تدريبية، فضلا عن منح أكثر من 800 شهادة دولية معتمدة لمتدربين بالبرنامج، لنحو أكثر من 3000 موظف حكومي في مجال تكنولوجيا المعلومات، حيث تواصل الدولة تقديم البرامج التدريبية المتخصصة لتلبية احتياجات الجهات الحكومية لتعزيز القدرات وإعداد صف من الكوادر والقيادات الوطنية التكنولوجية.
كل ذلك يكلله امتلاك قطر واحدة من أفضل البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات في العالم ولديها أحدث التقنيات المستخدمة في القطاع على غرار شبكة الجيل الخامس للاتصالات مع نسبة انتشار لشبكة الالياف البصرية تقدر بـ99 بالمائة مما جعلها تتصدر التصنيفات العالمية في جودة الحياة الرقمية وسرعة وانتشار الإنترنت بين السكان والأمن السيبرانى.
ترتيب عالمي متقدم
وقد جاءت قطرمؤخرا في المرتبة الرابعة عالميا بقائمة أفضل الدول بالبنية التحتية الإلكترونية على مستوى العالم وفقا لتصنيف جودة الحياة الرقمية الصادر عن مؤسسة «سيرف شارك» العالمية للعام 2020 ويستند المؤشر إلى حزمة من معايير التصنيف تتمثل في: مستوى الأمن السيبراني وسرعة الاتصال بالإنترنت وتوافر قوانين حماية البيانات وخدمات الحكومة الإلكترونية والقدرة على تحمل تكلفة الإنترنت وجودة البنية التحتية الإلكترونية.
وعلى مستوى سرعة الإنترنت فإن قطر تحتل المرتبة الرابعة عالميا من أصل 138 دولة في اختبار سرعة الإنترنت عبر شبكات الهاتف الجوال، وذلك وفقًا لمؤشر أوكلا Ookla العالمي لاختبار السرعة. ووفقًا للمؤشر، فإن متوسط سرعة التنزيل في قطر يبلغ 83.83 ميغابايت في الثانية، بينما تبلغ سرعة التحميل 19.63 ميغابايت في الثانية.
كما تحتل المرتبة الأولى عالميا في مؤشر انتشار الإنترنت بين السكان والذي يقيس نسبة استخدام المواطنين للإنترنت حيث حصلت على نسبة 100 % وفق بيانات منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد»
وكانت قطر قد حلت في المرتبة الأولى عربيا والـ «26» عالميا في مؤشر القوة التكنولوجية الصادر عن مجلة غلوبال فاينانس العالمية والذي يقيس أكثر الدول تقدما في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا بين 67 دولة حول العالم، حيث سجلت «3.21» نقطة، متفوقة على 41 دولة حول العالم من ضمنها دول كبرى.
كما احتلت قطر المرتبة الأولى بين أعلى الدول في العالم من حيث نشر شبكات الألياف الثابتة، كما احتلت مكانة رائدة في تنفيذ شبكات المحمول والجيل الخامس.
وأكدت الدراسة الصادرة عن صندوق النقد العربي أن قطر تسعى إلى تطوير مجتمع رقمي وتوفير خدمات ذكية ومبتكرة وعالية الجودة وذلك في كل المجالات والاختصاصات، مع إنشاء أساس قوي لقطاع تقنيات المعلومات المبتكرة والمتنامية التي تجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. كذلك هناك جهود لدعم العرض واعتماد الوسائط الرقمية لتلبية احتياجات العملاء، كما تعمل حكومة دولة قطر على تطوير استراتيجية جديدة للحكومة الرقمية.
تقييمات عالمية
قالت مؤسسة «أكسفورد بزنس جروب» البريطانية الرائدة في خدمات النشر والبحوث والاستشارات إن قطر تهدف إلى أن تصبح مجتمعاً قائماً على المعرفة، وهي رائدة في الحلول لتحسين البنية التحتية، وذلك كجزء من استراتيجيتها لرؤية قطر الوطنية 2030.
وقالت المؤسسة في تقريرها إن قطر أطلقت استراتيجيتين في إطار خطة الرقمنة الحكومية، الأولى استراتيجية الحكومة الإلكترونية 2020 ومبادرة المدن الذكية، حيث تهدف الحكومة الإلكترونية 2020 التي أطلقت قبل سنوات إلى تعزيز تقديم الخدمات الحكومية، وخلق الكفاءة وزيادة الانفتاح، بهدف توفير 100 % من الخدمات الحكومية عبر الإنترنت بحلول نهاية عام 2020، وكجزء من الخطة أطلقت بوابة حكومية إلكترونية لجعل المعلومات والخدمات أكثر سهولة.
ووفقاً لبيانات وزارة الاتصالات والمواصلات، وفي إطار برنامج حكومة قطر الرقمية 2020، بلغ عدد خدمات الحكومة الإلكترونية المتاحة عبر الإنترنت 2700 خدمة.
جهود Ooredoo وفودافون
يعمل مقدما خدمات الاتصالات المحليان، شركتا Ooredoo وفودافون قطر، على نشر تقنية الجيل الخامس 5G والألياف الضوئية في قطر بجانب العمل على تزويد الملاعب ومنها ملاعب كأس العالم 2022 والأحداث الرياضية التي استضافتها الدولة بأحدث النظم الذكية على مستوى العالم من أجل توفير أفضل الخدمات المتاحة.
حيث تعمل Ooredoo على تزويد الملاعب الثمانية بأحدث النظم الذكية على مستوى العالم من أجل توفير أفضل الخدمات المتاحة، وأيضًا تسهيل مهمة الإعلاميين الذين سيقومون بتغطية البطولة.
وستدار الملاعب الثمانية المخصصة لاستضافة مباريات مونديال قطر 2022 من خلال محطة تحكم واحدة في تجربة ستكون هي الأولى من نوعها عالمياً، وبعد الانتهاء من البطولة سيتم الاتفاق مع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» لاستخدام هذه التقنية ونقلها على مستوى العالم، خاصة بعد نجاحات الشركة في مجالات التحول الرقمي وحلول الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ونشر تقنية الجيل الخامس 5G والألياف الضوئية في قطر والتي تغطي حاليًا أكثر من نصف مليون منزل بدولة قطر.