الاقتصاد القطري يستحوذ على اهتمام المؤسسات الدولية
كتب - محمد الجعبري
يحتل الاقتصاد القطري اهتمام العديد من المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، وذلك لما يتمتع به الاقتصاد من مقومات كثيرة ومتنوعة عملت عليها القيادة الرشيدة خلال الفترة الماضية، مما جعله من أكثر اقتصادات منطقة الشرق الأوسط قوة أمام العديد من الصدمات المالية الدولية متجاوزاً تلك الأزمات بقدرة فائقة، وذلك بسبب السياسات المالية والاقتصادية المتميزة التي تنتهجها الحكومة القطرية خلال الفترة الحالية.
ومن تلك المؤسسات المالية التي توقعت انطلاقة كبيرة للاقتصاد القطري خلال الفترة المقبلة، ما توقعه بنك «ستاندرد تشارترد» العالمي خلال الفترة الماضية، حيث توقع البنك أن ينمو اقتصاد قطر بنسبة 3% خلال العام الجاري، وذلك عقب التقارب الخليجي خلال الفترة الماضية، لافتا إلى أن رفع القيود عن التجارة والسفر لقطر يعطي دفعة للتعافي الحالي للتجارة والسياحة واللوجستيات، وكان البنك قد توقع أن ينمو اقتصاد قطر 2.1% قبل القمة الخليجية، وهي نسبة من أعلى التوقعات لاقتصادات منطقة الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن رفع القيود عن التجارة والسفر بين دول مجلس التعاون الخليجي، يسهم أيضا في تعافي التجارة في الإمارات، لافتا إلى أن من الفوائد الأخرى تحسن السيولة في الخارج بدعم إلغاء المقاطعة، وحدوث تقارب بين السعر الفوري للعملة في داخل وخارج قطر.
وأضاف: إقليميا، قد يسهم تحسن معنويات المستهلكين والمستثمرين وتراجع محتمل للمخاطر الجيوسياسية إيجابيا في النتائج الاقتصادية، لا سيما قبل أحداث مهمة مثل إكسبو 2020 الذي تستضيفه دبي في أكتوبر 2021 وبطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022 في الدوحة.
كما أن توقعات النمو المعدلة لبنك ستاندرد تشارترد، أعلى مما توقعته قطر في الشهر الماضي في موازنة عام 2021 عند 2.2%. كما توقع صندوق النقد الدولي تعافياً تدريجياً لاقتصاد قطر خلال 2021، مرجحا نمو الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 2.7%، مدعوما بتزايد إنتاج الغاز وانتعاش الطلب المحلي.
توقعات بنك لويدز
من جهة أخرى توقع بنك لويدز البريطاني، خفض الديون في قطر خلال العام الجاري والعام المقبل، بمستويات 60.6 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021 و54 % في عام 2022، وذلك وفق توقعات صندوق النقد الدولي، وقال إنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد القطري بنسبة 2.5 % في عام 2021 وبنسبة 3.9 % في عام 2022.
وقال في تقرير صادر عن البنك خلال الفترة الماضية، إن هذا يرتبط بانتعاش الاقتصاد العالمي بعد الوباء والازدهار المتوقع في قطاع الخدمات قبل كأس العالم لكرة القدم 2022، مشيراً إلى أن الدين الحكومي العام في قطر نما من 56.2 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 إلى 68.9 % في عام 2020.
وأوضح أن تشغيل منشأة برزان للغاز الطبيعي في 2019 يمكن أن يدعم إنتاج الغاز المحلي ويسهم بشكل إيجابي في النمو، وعلى المدى المتوسط، من المتوقع الانتهاء من توسعة مشاريع الغاز في حقل الشمال بحلول عام 2024، مما يزيد من إنتاج الغاز، مشيراً إلى أن قطر تنفذ برنامج التنويع الاقتصادي لتقليل اعتمادها على قطاع النفط والغاز.
مشاريع البناء
كما أن هناك العديد من مشاريع البناء قيد التنفيذ استعدادا لكأس العالم في عام 2022، إلى جانب التخطيط لمشاريع جديدة في البنية التحتية والاتصالات، وتشير التقديرات إلى أن التضخم قد انخفض إلى -0.6 % في عام 2019 و-2.2% في عام 2020. ويقدر صندوق النقد الدولي أن التضخم سيرتفع إلى 1.8% في 2021 و2.9% في 2022، وهو ما يتعين فرض ضريبة القيمة المضافة خلال العام الجاري، وأبرز تقرير البنك ابرز التحديات خلال العام الجاري، وهو وباء فيروس كورونا الذي له تأثيرات كبيرة على المناحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية، ووفقا للبنك الدولي، فإن البطالة في قطر تعتبر شبه معدومة، حيث تمثل أقل من 1 % من إجمالي القوى العاملة في عام 2020.
وكان بنك قطر الوطني قد أكد في تقرير سابق على استفادة البنوك والشركات القطرية من المصالحة، مشيرا إلى أن الخطوط الجوية القطرية وكذلك قطر للوقود يمكن أن تستفيدا من زيادة حركة النقل الجوي بين المملكة العربية السعودية وقطر، كما أن شركات العقارات ستستفيد أيضا من الطلب في المدى الأطول.
وذكرت وحدة أبحاث كيو.إن.بي للخدمات المالية، التابعة للبنك في مذكرة لها، وفق وكالة رويترز، أنه من الممكن تعزيز الاستثمارات في قطر عبر مشروعات جديدة مرتبطة بالتوسع في إنتاج ومشروعات الغاز الطبيعي المسال، فضلا عن قانون جديد متوقع لفتح المزيد من القطاعات أمام ملكية أجنبية بنسبة 100%.
وقالت إن شركة بلدنا، التي لها استثمارات ضخمة في منتجات الألبان المصنوعة من حليب الأبقار، لن تتأثر على الأرجح من زيادة محتملة في الواردات من السعودية.
ووفق غرفة تجارة وصناعة قطر، اليوم، فإن 2021 هو عام تعافي الاقتصاد القطري والخروج من الأزمة التي سببتها جائحة فيروس كورونا.
وأظهرت نشرة الغرفة لشهر ديسمبر الماضي، نمواً في عدد المنشآت الصناعية المسجلة بالدولة خلال العام الماضي وصل إلى 927 منشأة مقارنة بـ 862 منشأة مع بداية العام.
الأصول القطرية
وكانت بيانات مصرف قطر المركزي، قد أكدت أن الأصول الاحتياطية القطرية كانت قد شهدت تصاعدا كبيرا خلال السنوات الماضية، حيث بلغت في يونيو 2017، بلغت 146.3 مليار ريال (40.19 مليار دولار أميركي)، وبنهاية أبريل 2020، بلغت إجمالي قيمة الأصول الاحتياطية القطرية 202.8 مليار ريال (55.7 مليار دولار أميركي).
كما صعدت إجمالي ودائع البنوك التجارية للقطاعين العام والخاص خلال الفترات الماضية بنسبة 14.2 بالمائة إلى 879.3 مليار ريال (241.5 مليار دولار)، مقارنة مع 770 مليارا (211.5 مليار دولار) في يونيو 2017، كذلك قفزت استثمارات قطر في السندات والأذونات الأميركية من 505 ملايين دولار في يونيو 2017، لتستقر عند 5.1 مليارات دولار في نهاية يناير 2020، وفق بيانات وزارة الخزانة الأميركية.
السياحة الوطنية
كما شهد قطاع السياحة خلال الفترات الماضية قفزات كبيرة قبل جائحة كورونا، حيث صعدت أعداد السياحة الوافدة إلى قطر في 2019 بنسبة 17.4 بالمائة على أساس سنوي، إلى 2.136 مليون سائح، معظمها من آسيا وأوروبا ونسبة 11 بالمائة من دول مجلس التعاون، حيث تهدف الدوحة إلى زيادة المساهمة المباشرة للسياحة في الناتج المحلي الإجمالي لقطر من 5.4 مليار دولار في 2016، إلى 11.3 مليار دولار بحلول 2023.
وقالت غرفة قطر في تقرير لها خلال الفترات الماضية، إن قطر نجحت خلال السنوات السابقة، في تحقيق تطور ملحوظ فيما يخص الأمن الغذائي، وكذلك بقطاعي الزراعة والصناعة، ما ساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع والمنتجات، مشيرة إلى النشاط الكبير الذي حظي به القطاع الخاص ومساهماته الكبيرة في الاقتصاد الوطني، فضلا عن مساهمته في تأمين احتياجات السوق المحلية من السلع الضرورية، والتوجه نحو الصناعة المحلية.
وبلغ عدد المنشآت الصناعية المسجلة في البلاد بحلول نهاية 2019، نحو 1464 بمختلف القطاعات، مقارنة بنحو 1171 بنهاية عام 2016، ما يعني تأسيس 293 مصنعا جديدا.
كما تأسست أكثر من 47 ألف شركة جديدة خلال السنوات الماضية، وذلك من خلال العديد من الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية إلى البلاد.